عِتقُها كامِلةً، فلو أرادَ المُكاتَبينَ لَكتَبَهم باسمِهم الأخصِّ؛ ولأنَّ المُكاتَبَ بعضُ رَقبةٍ؛ ولأنَّ ذلك يَقضي أنْ يَكونَ مَصروفةً بجَميعِ وُجوهِها إلى الصَّدقةِ، وإذا أُعتقَ المُكاتَبُ فالوَلاءُ لسيِّدِه؛ ولأنَّه لو أرادَ المُكاتَبينَ لَاكتَفَى بذِكرِ الغارِمينَ؛ لأنَّهم منهم.
قالَ القاضِي: وقد قالَ مالِكٌ: إذا أُعطيَ مُكاتَبٌ ما يُتمُّ به عِتقَه جازَ (١).
الثاني: إِعتاقُ الرَّقيقِ المُسلِمينَ:
وقد ذهَبَ الى جَوازِ الصَّرفِ من الزَّكاةِ في ذلك المالِكيةُ وأحمدُ في أظهَرِ الرِّوايتَينِ عنه؛ لعُمومِ قَولِه تَعالى: ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾ [التوبة: ٦٠]، وهو مُتناوِلٌ للقَنِّ، بل هو ظاهِرٌ فيه، فإنَّ الرَّقبةَ إذا أُطلقَت انصَرَفت إليه، كقَولِه تَعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾، وتَقديرُ قَولِه تَعالى: ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾ [التوبة: ٦٠]، أي: وفي إِعتاقِ الرِّقابِ؛ ولأنَّه إِعتاقٌ للرَّقبةِ جازَ صَرفُ الزَّكاةِ فيه كدَفعِه للمُكاتَبِ.
فعلى هذا إنْ كانَت الزَّكاةُ بيَدِ الإمامِ أو الساعي جازَ له أنْ يَشتريَ رَقبةً أو رِقابًا فيُعتِقَهم ووَلاؤُهم لِلمُسلِمينَ.
وكذا إنْ كانَت الزَّكاةُ بيَدِ رَبِّ المالِ فأرادَ أنْ يُعتِقَ رَقبةً تامَّةً منها يَجوزُ ذلك؛ لعُمومِ الآيةِ: ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾ [التوبة: ٦٠]، ويَكونُ وَلاؤُها عندَ المالِكيةِ للمُسلِمينَ أيضًا، وعندَ الحَنابِلةِ: ما رجَعَ من الوَلاءِ رُدَّ في مِثلِه، بمَعنى أنَّه يَشتَري بما ترَكه المُعتَقُ ولا وارِثَ له رِقابًا تُعتَقُ، وعن أبي عُبيدٍ الوَلاءُ للمُعتِقِ؛ لأنَّه -وإنْ خِيفَ عليه أنْ يَصيرَ إليه مِيراثُ عَتيقِه بالوَلاءِ- لا يُؤمَنُ