للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنْ كانَ الصَّحيحُ قَولَ الجُمهورِ اندفَعَ السُّؤالُ، وإنْ كانَ الصَّحيحُ هو القَولَ الآخَرَ فمُوافَقتُه للقياسِ والحِكمةِ والمَصلحةِ ظاهِرةٌ جِدًّا، فإنَّ العاريةَ من مَصالحِ بَني آدَمَ التي لا بدَّ لهم منها ولا غِنى لهم عنها، وهي واجِبةٌ عندَ حاجةِ المُستعيرِ وضَرورتِه إليها إمَّا بأُجرةٍ أو مَجانًا، ولا يُمكنُ المُعيرَ كلَّ وَقتٍ أنْ يُشهدَ على العاريةِ، ولا يُمكنُ الاحتِرازُ بمَنعِ العاريةِ شَرعًا وعادةً وعُرفًا، ولا فَرقَ في المَعنى بينَ مَنْ تَوصَّل إلى أخْذِ مَتاعِ غيرِه بالسَّرقةِ وبينَ مَنْ توصَّلَ إليه بالعاريةِ وبجَحْدِها، وهذا بخِلافِ جاحِدِ الوَديعةِ، فإنَّ صاحِبَ المَتاعِ فرَّطَ حيثُ ائتَمَنه (١).

حُكمُ الغَصبِ:

الغَصبُ مُحرَّمٌ بالكِتابِ والسُّنةِ والإِجماعِ.

أمَّا بالكِتابِ؛ فقَولُ اللهِ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، اشتَمَلت الآيةُ على تَحريمِ التَّسالُبِ والتَّناهُبِ، وإنَّما التِّجارةُ هي التي تَكونُ صادِرةً عن تَراضٍ.

وقَولُه تَعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨)[البقرة: ١٨٨].

وقَولُه تَعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا﴾ [المائدة: ٣٨]، والسَّرقةُ نَوعٌ من الغَصبِ.


(١) «إعلام الموقعين» (٢/ ٨٠، ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>