التِّجارةِ، فلا يُؤخَذُ أكثَرَ من مَرةٍ في السَّنةِ كالزَّكاةِ ونِصفِ العُشرِ من الذِّميِّ وجِزيةِ الرُّؤوسِ (١).
وَقتُ استِيفاءِ العُشرِ:
يَرى الحَنفيةُ والحَنابِلةُ وابنُ حَبيبٍ من المالِكيةِ أنَّ وَقتَ استِيفاءِ العُشرِ بالنِّسبةِ للحَربيِّ عندَ دُخولِه دارَ الإسلامِ، وبالنِّسبةِ للذِّميِّ عندَ مُرورِه بعاشِرِ الإقليمِ المُنتقِلِ إليه، سَواءٌ باعَ ما في يَدِه من بِضاعةٍ أو لم يَبِعْ؛ لأنَّ المَأخوذَ منهم له حقُّ الوُصولِ، وحقُّ الحِمايةِ من اللُّصوصِ وقُطَّاعِ الطَّريقِ.
وذهَبَ ابنُ القاسِمِ من المالِكيةِ إلى أنَّ وَقتَ استِيفاءِ العُشرِ بالنِّسبةِ للذِّميِّ الذي يَنتقِلُ ببِضاعَتِه من أُفقٍ إلى آخَرَ عندَ بَيعِ ما بيَدِه من بِضاعةٍ، فإذا لمْ يَبعْ شَيئًا لمْ يُؤخذْ منه شَيءٌ؛ لأنَّ المَأخوذَ منه لحَقِّ الانتِفاعِ، أمَّا الحَربيُّ فيُؤخذُ منه العُشرُ عندَ دُخولِه دارَ الإِسلامِ.
وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّ تَحديدَ وَقتِ استِيفاءِ العُشرِ يَختلِفُ باختِلافِ شَرطِ الإمامِ؛ فإنِ اشتَرطَ أنْ يَأخذَ من البِضاعةِ أو عندَ الدُّخولِ كانَ الوَقتُ بالنِّسبةِ للحَربيِّ عندَ دُخولِ دارِ الإسلامِ، وبالنِّسبةِ للذِّميِّ عند مُرورِه بالعاشرِ سَواءٌ باعَ أو لمْ يَبِعْ، وإنِ اشترَط أنْ يَأخذَ من ثَمنِ ما باعوه كانَ
(١) «البدائع» (٢/ ٣٧)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٢٨٥)، و «بلغة السالك» (٢/ ٢٠٧)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ٣٢٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٣٨)، و «المغني» (١٢/ ٦٨٧)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ١٣٧).