للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّما جازَ ثَم تَشبيهًا بالمُضارَبةِ؛ لأنَّها عَينٌ تُنَمَّى بالعَملِ، فجازَ اشتِراطُ جُزءٍ مِنْ النَّماءِ والمُساقاةِ، كالمُضارَبةِ، وفي مَسألَتِنا لا يُمكِنُ ذلك؛ لأنَّ النَّماءَ الحاصِلَ في الغَنَمِ لا يَقِفُ حُصولُه على عَملِه فيها؛ فلَم يُمكِنْ إلحاقُه بذلك، وإنِ استَأجَرَه على رِعايَتها مدَّةً مَعلومةً بنِصفِها أو جُزءٍ مَعلومٍ مِنها، صَحَّ؛ لأنَّ العَملَ والأجْرَ والمدَّةَ مَعلومةٌ، فصَحَّ، كَما جُعِلَ الأجْرُ دَراهِمَ، ويَكونُ النَّماءُ الحاصِلُ بَينَهما بحُكمِ المِلْكِ؛ لأنَّه مِلْكُ الجُزءِ المَجعولِ له مِنها في الحالِ؛ فيَكونُ له نَماؤُه، كَما لَوِ اشتَراهُ (١).

حُكمُ إجارةِ المَنافِعِ بالمَنافِعِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ إجارةِ المَنافِعِ بالمَنافِعِ، سَواءٌ كانَتْ بجِنْسِها، كَما لَوِ استَأجَرَ دارًا بسُكنَى دارٍ أُخرَى، أو بخِلافِ جِنسِها، كَما لَوِ استَأجَرَ دارًا برُكوبِ دَابَّةٍ، أو خِدمةِ عَبدٍ.

فذهبَ جُمهورُ الفُقهاءِ، المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَجوزُ أنْ تَكونَ الأُجرةُ مَنفَعةً، سَواءٌ كانَتْ مِنْ جِنسِها، كَما لَوِ استَأجَرَ دارًا بسُكنَى دارٍ أُخرَى، أو بخِلافِ جِنسِها، كَما لَوِ استَأجَرَ دارًا برُكوبِ دَابَّةٍ، أو خِدمةِ عَبدٍ.

قالَ اللَّهُ تَعالى -إخبارًا عن شُعَيبٍ أنَّه قالَ-: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾ [القصص: ٢٧]، فجعلَ النِّكاحَ عِوَضَ الإجارةِ.


(١) «المغني» (٥/ ٢٥٥، ٢٥٦)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٤٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>