للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُؤيةُ المحضُونِ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّ الولَدَ المَحضونَ إذا كانَ عندَ أحَدِ أبوَيهِ بعدَ الفراقِ أنه لا يُمنعُ الآخَرُ مِنْ زِيارتِه وتَعهُّدِه، على بعضِ التَّفصيلِ بينَهُم في ذلكَ.

قالَ المالِكيةُ: إذا كانَ الابنُ في حَضانةِ أمِّه لم يُمنعْ مِنْ الذَّهابِ إلى أبيه يَتعهَّدُه ويُؤدِّبُه ويُسلِّمُه في المَكتبِ والصَّنائعِ، وله القِيامُ بجَميعِ أُمورِه، ويَختنُه في دارِه، وله تَأديبُه عندَ أمِّه، ولا يَبيتُ إلا عندَ أمِّه، وإنَّ البِنتَ تُزَفُّ مِنْ بيتِ أمِّها وإنْ لم يَرْضَ الأبُ بذلكَ (١).

وقالَ الحَنفيةُ: يَكونُ الغُلامُ عندَ أمِّه أو جدَّتِه حتى يَستغنيَ فيَأكلَ وحْدَه ويَشربَ وحْدَه ويَلبسَ وحْدَه ويَستنجيَ وحْدَه؛ لأنه إذا استَغنَى يَحتاجُ إلى التأدُّبِ والتخلُّقِ بآدابِ الرِّجالِ وأخلاقِهم، والأبُ أقدَرُ على التأديبِ والتثقيفِ.

والأمُّ والجدَّةُ أحَقُّ بالجارِيةِ حتى تَبلغَ؛ لأنَّ بعدَ الاستغناءِ تَحتاجُ إلى مَعرفةِ آدابِ النِّساءِ، والمَرأةُ على ذلكَ أقدَرُ، وبعدَ البلوغِ تَحتاجُ إلى التَّحصينِ والحِفظِ، والأبُ فيه أقوَى وأهدَى.

وعن مُحمدٍ أنها تُدفَعُ إلى الأبِ إذا بلَغَتْ حَدَّ الشَّهوةِ؛ لتحقُّقِ الحاجةِ إلى الصيانةِ.


(١) «التاج والإكليل» (٣/ ٢٥٨، ٢٥٩)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٢٠٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥٠٩)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>