للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبيُّ هو وأصحابُه المِقرِضَ عن قَبولِ هَديَّةِ المُقترِضِ قبلَ الوَفاءِ، فإنَّ المَقصودَ بالهَديَّةِ أنْ يُؤخِّرَ الاقتِضاءَ وإنْ كان لَم يُشترَطْ ذلك؛ سَدًّا لِذَريعةِ الرِّبا.

وهذا كُلُّه في مُدَّةِ القَرضِ وقَبلَ الوَفاءِ، فأمَّا بعدَ الوَفاءِ فهو كالزِّيادةِ مِنْ غيرِ شَرطٍ، فيَجوزُ على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ؛ لأنَّه لَم يَجعَلْ تلك الزِّيادةَ عِوَضًا في القَرضِ ولا وَسيلةً إليه ولا إلى استِيفاءِ دَينِه، أشبَهَ ما لو لَم يَكُنْ هناك قَرضٌ.

وكذا كلُّ غَريمٍ حُكمُه كالمُقرِضِ فيما تَقدَّم (١).

حُكمُ السَّفَاتِجِ -أي: أمْنِ خَطَرِ الطَّريقِ-:

السَّفَاتِجُ: قَرضٌ استَفادَ به المُقرِضُ أمْنَ خَطَرِ الطَّريقِ.

وصُورَتُه: أنْ يُقرِضَ مالَه لِآخَرَ على أنْ يُعطيَه عِوَضَه في بَلَدِه، أو في مَوضِعٍ آمِنٍ، أو على أنْ يَحميَه في الطَّريقِ؛ وإنَّما يَدفَعُه على سَبيلِ القَرضِ لا على سَبيلِ الأمانةِ لِيَستفيدَ به سُقوطَ خَطَرِ الطَّريقِ.

وهو تَعرِيبُ سَفْتَه وسُفْتَه، شَيءٌ مُحكَمٌ، وسُمِّيَ هذا القَرضُ بذلك لِإحكامِ أمْرِه (٢).


(١) «المغني» (٤/ ٢١١، ٢١٢)، و «إعلام الموقعين» (٣/ ١٧١)، و «الإنصاف» (٥/ ١٣١، ١٣٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٧١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٢٩)، و «الروض المربع» (٢/ ٧، ٨)، و «منار السبيل» (٢/ ٨٦، ٨٧).
(٢) «الاختيار» (٢/ ٤٠)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ١٧٥)، و «العناية شرح الهداية» (١٠/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>