للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في وَجهٍ إلى أنَّه يُشترَطُ في النَّذرِ أنْ يَكونَ قُربةً مَقصودةً مِنْ جِنسِها واجبٌ كالصَّومِ والصَّلاةِ والحَجِّ والعِتقِ والصَّدقةِ ونَحوِها، وأمَّا ما ليسَ مِنْ جِنسِه واجبٌ كالتَّسبيحِ وعيادةِ المرَضى وتَشييعِ الجَنائزِ والوُضوءِ والاغتِسالِ ودُخولِ المَسجدِ ومَسِّ المُصحفِ والأَذانِ وبِناءِ الرِّباطاتِ والمَساجدِ وغيرِ ذلك- فلا يَصحُّ وإنْ كانَتْ قُربًا؛ لأنَّها ليسَتْ بقُربٍ مَقصودةٍ، والأَصلُ فيه أنَّ إِيجابَ العَبدِ مُعتبَرٌ بإِيجابِ اللهِ تَعالى؛ إذ لا وِلايةَ له على الإِيجابِ ابتداءً، وإنَّما صحَّحْنا إِيجابَه في مِثلِ ما أوجَبَه اللهُ تَعالى تَحصيلًا للمَصلحةِ المُتعلِّقةِ بالنَّذرِ (١).

القِسمُ الخامسُ: نَذرُ المَباحِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ نذَرَ نَذرًا مُباحًا كمَن نذَرَ أنْ يَأكلَ شَيئًا مُعينًا أو لا يَأكلَه، أو يَمشيَ أو لا يَمشيَ، أو يَشربَ أو لا يَشربَ، أو يُجامِعَ أو لا يُجامِعَ، ونَحوُ ذلك، أو نذَرَ أنْ يُطلِّقَ امرَأتَه على وَجهٍ مُباحٍ، هل يَصحُّ


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٨٢، ٨٣)، و «الاختيار» (٤/ ٨٩، ٩٠)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٧٤٦، ٧٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>