للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- خَلطُ غيرِ المُودَعِ الوَديعةَ بمالِه:

قالَ الإِمامُ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أَهلِ العِلمِ، على أنَّ الوَديعةَ إذا كانَت دَراهمَ فاختلَطَت بغيرِها أو خلَطَها غيرُ المُودَعِ ثُم تلِفَت أنَّه لا ضَمانَ على المُودَعِ (١).

إلا أنَّهم اختلَفُوا على مَنْ يَكونُ الضَّمانُ؟

فذهَبَ الإِمامُ أَبو حَنيفةَ والحَنابِلةُ إلى أنَّ غيرَ المُودَعِ -سَواءٌ كانَ أَجنبيًّا أو مَنْ في عيالِه- إذا خلَطَ الوَديعةَ بغيرِها فالضَّمانُ على مَنْ خلَطَها؛ لأنَّ العُدوانَ منه فالضَّمانُ عليه كما لو أتلَفَها، ولا ضَمانَ على الوَديعِ لانعِدامِ الخَلطِ منه حَقيقةً وحُكمًا.

وقالَ الصَّاحِبانِ أَبو يُوسفَ ومُحمدٌ: إنَّ صاحِبَ الوَديعةِ بالخِيارِ، إنْ شاءَ ضمَّنَها الخالِطَ -ولو صَغيرًا- لأنَّه مِنْ التَّعدِّي على أَموالِ النَّاسِ، كما لو كسَرَ زُجاجاتِ الغيرِ فإنَّ الضَّمانَ عليه.

وإنْ شاءَ أخَذَ العَينَ وكانا شَريكَينِ (٢).

د- اختِلاطُ الوَديعةِ بمالِ المُودَعِ بغيرِ صُنعِه:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الوَديعةَ إذا اختلَطَت بمالِ المُودَعِ بلا صُنعٍ منه ولا تَقصيرٍ فلا ضَمانَ عليه، فإذا انشَقَّ الكيسُ في صُندوقِه فاختلَطَ بدَراهمِه


(١) «الإشراف» (٦/ ٣٣٢، ٣٣٣)، و «الإجماع» (٥٦٢).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٣٥٣)، و «المغني» (٦/ ٣٠١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>