للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوَّلُ: وهو قولُ الإمامِ مالِكٍ وأصحابِه أنَّه لا يَتطوَّعُ على الرَّاحِلةِ إلَّا في سَفرٍ يَقصُرُ في مِثلِه الصَّلاةَ.

وحُجَّتُهم في ذلك أنَّ الأسفارَ التي حَكى ابنُ عمرَ وغيرُه عن النَّبيِّ أنَّه صلَّى فيها على راحِلَتِه تَطوُّعًا كانَت ممَّا تُقصَرُ فيها الصَّلاةُ، فكَأنَّ الرُّخصةَ خرَجتَ على ذلك؛ فلا يَنبَغِي أن تَتَعَدَّى؛ لأنَّه شَيءٌ وقعَ به البَيانُ؛ كَأنَّه قالَ: إذا سافَرتُم مثلَ سَفرِي هذا فافعَلُوا بفِعلِي هذا.

القولُ الآخَرُ: وهو قولُ جُمهورِ العُلماءِ أبي حَنيفَةَ والشافِعيِّ وأحمدَ وأصحابِهم: أنَّه يَجوزُ التَّطوُّعُ على الرَّاحِلةِ في خارِجِ المِصرِ في كلِّ سَفرٍ، وسَواءٌ كانَ ممَّا تُقصَرُ فيه الصَّلاةُ أو لا.

وحُجَّتُهم في هذا أنَّ الآثارَ في هذا البابِ ليس في شَيءٍ منها تَخصيصُ سَفرٍ، فكلُّ سَفرٍ جائِزٌ ذلك فيه، إلَّا أن يَخُصَّ شَيئًا من الأسفارِ ممَّا يجبُ التَّسليمُ لَه (١).

أمَّا الصَّلاةُ في الحَضرِ -المِصرِ- على الرَّاحِلةِ:

فقالَ أبو يُوسفَ: يُصلِّي في المِصرِ على الدَّابَّةِ أيضًا بالإيماءِ، وهو قولُ أبي سَعيدٍ الإِصطَخرِيِّ من الشافِعيَّةِ وأحَدُ القولَينِ في مَذهبِ الإمامِ أحمدَ (٢).

قالَ النَّوويُّ : في تنَفُّلِ الحاضِرِ أربَعةُ أوجُهٍ: الصَّحيحُ المَنصوصُ


(١) «الاستذكار» (٢/ ٢٥٦، ٢٥٨)، و «التَّمهيد» (١٧/ ٧٢)، وما بعدها، و «الأوسط» (٥/ ٢٥٠)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٨١)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ١٥٩)، و «المغني» (١/ ٢٥٩، ٢٦٠)، و «فتح الباري» (٢/ ٥٧٥).
(٢) «المجموع» (٣/ ٢١٢)، و «مجموع الفتاوى» (١٤/ ٣٧)، و «تحفة الفقهاء» (١/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>