اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو تَزوَّجَ الرَّجلُ المرأةَ على شَرطِ أنْ لا يُنفِقَ عليها وأنْ تكونَ نَفقتُها على نَفسِها، هل يَصحُّ هذا الشَّرطُ أم لا؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا تَزوَّجَ المَرأةَ على أنْ لا نَفقةَ لها عليهِ أنَّ النِّكاحَ صَحيحٌ؛ لأنهُ لا يَمنعُ المَقصودَ وهو الاستِمتاعُ، ولأنَّ فَسادَ العِوضِ لا يُؤثِّرُ في النِّكاحِ، والشَّرطُ باطلٌ؛ لأنهُ شَرطٌ يُنافي مُقتَضى العَقدِ، ولأنهُ شَرطٌ تَضمَّنَ إسقاطَ حُقوقٍ تَجبُ بالعَقدِ قبْلَ انعِقادِه فلم يَصحَّ، كما لو أسقَطَ الشَّفيعُ شُفعتَه قبْلَ البَيعِ، ويَلزمُه حِينئذٍ النَّفقةُ عليها.
ويَجبُ لها مَهرُ المِثلِ عندَ الشَّافعيةِ؛ لأنَّ شارِطَ ذلكَ لم يَرضَ بالمُسمَّى إلَّا عندَ سَلامةِ شَرطِه، فيجبُ مَهرُ المِثلِ (١).
قالَ الإمامُ الشَّافعيُّ ﵀: ولو أصدَقَها ألفًا على أنْ لا يُنفِقَ عليها أو على أنْ لا يَقسِمَ لها أو على أنهُ في حِلٍّ ممَّا صنَعَ بها كانَ الشَّرطُ باطِلًا، وكانَ لهُ إنْ كانَ صَداقُ مِثلِها أقلَّ مِنْ الألفِ أنْ يَرجِعَ عليها حتَى يُصيِّرَها إلى صَداقِ مثلِها؛ لأنها شَرطَتْ له ما ليسَ له فزادَها ممَّا طرَحَ عَنْ
(١) «البيان» (٩/ ٣٨٩)، و «التنبيه» (١٦١)، و «روضة الطالبين» (٥/ ١٢٦)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٣١٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٧٢)، و «الديباج» (٣/ ٣١٩)، و «المغني» (٧/ ٧٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٠٧، ١٠٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٨٩، ١٩٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٩٤، ٥٩٥).