للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ وقَّتَها فله أنْ يَنتفِعَ ما لَم يَرجِعْ أو يَنقَضي الوقتُ؛ لأنَّه استَباحَ ذلك بالإِذنِ ففيما عدا مَحلِّ الإِذنِ يَبقى على أَصلِ التَّحريمِ.

فإنْ كانَ المُعارُ أرضًا لَم يَكنْ له أنْ يَغرِسَ ولا يَبنيَ ولا يَزرَعَ بعدَ الوقتِ أو الرُّجوعِ، فإنْ فعَلَ شيئًا مِنْ ذلك لزِمَه قَلعُ غَرسِه وبِنائِه، وحُكمُه حُكمُ الغاصبِ في ذلك؛ لِقولِ النَّبيِّ : «ليسَ لعرقٍ ظالمٍ حقٌّ» (١)، وعليه أَجرُ ما استَوفاه مِنْ نَفعِ الأرضِ على وَجهِ العُدوانِ، ويَلزمُه القَلعُ وتَسويةُ الحُفرِ ونَقصُ الأرضِ وسائرُ أَحكامِ الغَصبِ لأنَّه عُدوانٌ (٢).

والثانِي: أنْ تَكونَ مُقيَّدةً فيهما -أيْ: في الوقتِ والانتِفاعِ- بأنِ استَعارَه يومًا أو جمُعةً ليَستعمِلَه بنَفسِه.

قالَ الحَنفيةُ: فليسَ له أنْ يُركِبَ غيرَه ولا يُلبِسَه غيرَه؛ لاختِلافِ ذلك باختِلافِ المُستعمِلينَ؛ لأنَّ الأصلَ في المُقيَّدِ اعتِبارُ القيدِ فيه، إلا إذا تَعذَّرَ اعتِبارُه، واعتِبارُ هذا القَيدِ مُمكِنٌ؛ لأنَّه مُقيَّدٌ لتَفاوتِ الناسِ في استِعمالِ الدَّوابِّ والثِّيابِ رُكوبًا ولُبسًا، فلزِمَ اعتِبارُ القَيدِ فيه، فإنْ خالَفَ إلى شرٍّ ضمِنَ.

وإنْ أعارَه دارًا ليَسكنَها بنَفسِه فله أنْ يُسكِنَها غيرَه؛ لأنَّ المَملوكَ بالعَقدِ السُّكنَى، والناسُ لا تَتفاوتُ فيه، فلَم يَكنِ التَّقييدُ بسُكناه مُفيدًا فيَلغو، إلا إذا كانَ الذي يَسكنُها حَدادًا أو قَصارًا أو نحوَهما ممن يُوهِنُ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقَدمَ.
(٢) «المغني» (٥/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>