للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَنفعةِ، وقدْ يكونُ مِنْ بعضِ ذلكَ سَببُ التَّلفِ، ولكنَّ الأغلبَ السَّلامةُ، وأنْ ليسَ يُرادُ ذلكَ لذَهابِ العَقلِ ولا للتَّلذُّذِ بالمَعصيةِ (١).

وقالَ الحنفيَّةُ: فأمَّا إذا شَربَ البَنجَ أو شَيئًا حُلوًا فذهَبَ عَقلُه أو الدَّواءَ الَّذي يُسكِرُ وزالَ عَقلُه لم يَقعْ طلاقُهُ في تلكَ الحالةِ؛ لأنَّه بمَنزلةِ المَعتوهِ في التَّصرُّفاتِ (٢).

الحالةُ الثانيَةُ: أنْ يَشربَ بَنجًا أو دواءً يُذهِبُ العَقلَ أو حَشيشًا أو أفيُونًا لغَيرِ حاجَةٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو شَربَ بَنجًا أو ما يُذهِبُ العَقلَ لغَيرِ حاجَةٍ، هلْ يَقعُ طلاقُه كالسَّكرانِ بمُحرَّمٍ أم لا؟

فذهَبَ الشَّافعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في رِوايةٍ اختارَها ابنُ قُدامةَ وغَيرُه إلى أنَّ مَنْ شَربَ ما يُزيلُ عَقلَهُ لغَيرِ حاجَةٍ كالبَنجِ، أو الدَّواءَ الَّذي يُذهِبُ العقلَ ليَزولَ عَقلُه أنَّ حُكمَه كالسَّكرانِ بمُحرَّمٍ، فيَقعُ طلاقُه إذا طلَّقَ في هَذهِ الحالةِ؛ لأنَّه زالَ عَقلُه بمَعصيةٍ، فهو كمَن شَربَ الخَمرَ أو النَّبيذَ.

قالَ العَمرانِيُّ : فإنْ شَربَ دَواءً أو شَرابًا غَيرَ الخَمرِ والنَّبيذِ فسَكِرَ؛ فإنْ شَربَه لحاجَةٍ .. فحُكمُه حُكمُ المَجنونِ، وإنْ شَربَه ليَزولَ عَقلُه ..


(١) «الأم» (٥/ ٢٥٤).
(٢) «المبسوط» (٢٤/ ٣٤)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ١٠٠)، و «المحيط البرهاني» (٣/ ٤١٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٩٨)، و «الاختيار» (٣/ ١٥٦)، و «غمز عيون البصائر» (٢/ ١١٨)، وابن عابدين (٣/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>