للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ المُوصَى له يَخلُفُ المَيتَ في ثُلثِه كما يَخلُفُه الوارِثُ في ثُلثَيه، فلمَّا جازَ أنْ يَخلُفَ الوارِثُ المَيتَ في هذه الأَشياءِ جازَ أنْ يَخلُفَه المُوصَى له (١).

الشَّرطُ الخَامسُ: أنْ يَكونَ المُوصَى به مالاً:

اشتَرطَ الفُقهاءُ في المُوصَى به أنْ يَكونَ مالًا؛ لأنَّ الوَصيةَ تَمليكٌ، ولا يَملِكُ غيرَ المالِ، وسَواءٌ كانَ هذا المالُ عَينًا أو مَنفعةً.

الوَصيةُ بالمَنفعةِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّ الوَصيةَ بالمَنفعةِ صَحيحةٌ وجائِزةٌ، فمَن أَوصَى بسُكنَى دارِه لزَيدٍ مَثلًا بعدَ مَوتِه أو بالانتِفاعِ بسَيارتِه بعدَ مَوتِه أو ثَمرةِ شَجرِه؛ فإنَّ الوَصيةَ صَحيحةٌ؛ لأنَّ المَنافعَ في مَعنى الأَموالِ، وهي كالأَعيانِ في المِلكِ بالعَقدِ والإِرثِ، فكذلك في الوَصيةِ، ولأنَّه لمَّا ملَكَ تَملُّكَ المَنفعةِ في حالِ حَياتِه بعَقدِ الإِجارةِ والإِعارةِ فلَأنْ يَملكَ بعَقدِ الوَصيةِ أوْلى؛ لأنَّه أوسَعُ العُقودِ ويَحتملُ ما لا يَحتملُه سائِرُ العُقودِ من الجَهالةِ والعَدمِ في المُوصَى به، ممَّا يَفسُدُ معه عَقدُ الإِجارةِ وعَقدُ البَيعِ ونَحوُهما من عُقودِ المُعاوضاتِ، فإذا صَحَّ عَقدُ الوَصيةِ في هذا مع ما فيه من الغَررِ والخَطرِ، كانَ القَولُ بصِحتِه في المَنافعِ أوْلى، ولأنَّها تَمليكُ مَنافعَ بغيرِ عِوضٍ فكانَت كالعاريةِ (٢).


(١) «مغني المحتاج» (٤/ ٧٤)، وباقي المَصادِر السَّابقَة.
(٢) «تحفة الفُقهاء» (٣/ ٢٠٨)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٥٢)، و «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ٣٢، ٣٣)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٤٢٩)، و «الاختيار» (٥/ ٨٦)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٤٢٣، ٤٢٤)، و «اللباب» (٢/ ٦٠٥، ٦٠٦)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٥١)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ١٦٩)، رقم (١٩٢١)، و «شرح الزرقاني» (٤/ ٧٥)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٨٦)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٢١٩)، و «المهذب» (١/ ٤٥٢)، و «البيان» (٨/ ١٧٠)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٣٨٠)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٣٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٧٤)، و «كفاية الأخيار» (٣٩٢)، و «المغني» (٦/ ٩٢)، و «الكافي» (٢/ ٤٨١، ٤٨٢)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٥٣)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٨)، و «فتح الباري» (٥/ ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>