للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: حُكمُ السَّرقةِ مِنْ بَيتِ المالِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ سَرقَ مِنْ بيتِ المالِ، هل يُقطَعُ أم لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ -وهو قَولُ ابنِ المُنذِرِ- إلى أنه يُقطَعُ مَنْ سَرقَ مِنْ بيتِ المالِ نِصابًا، سَواءٌ كانَ مُنتظمًا أو غيرَ مُنتظمٍ، جاءَ في «المُدوَّنة»: (قلتُ): أرَأيتَ مَنْ سَرقَ مِنْ بيتِ المالِ هل يُقطَعُ؟ (قالَ): قالَ لي مالكٌ: نَعمْ يُقطَعُ، (قلتُ): أرَأيتَ مَنْ سَرقَ مِنْ مَغنَمٍ وهو مِنْ أهلِ ذلكَ المَغنمِ؟ (قالَ): قالَ لي مالكٌ: يُقطَعُ، (قلتُ): لم قطَعَه مالكٌ وله فيه نَصيبٌ؟ (قالَ): قالَ لي مالكٌ: كمْ حِصَّتُه مِنْ ذلكَ؟ (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ -على تَفصيلٍ عندَهُم-والحَنابلةُ إلى أنه لا قطْعَ على مَنْ سرَقَ مِنْ بَيتِ المالِ إذا كانَ مُسلمًا؛ لأنه مالٌ لكافَّةِ المُسلمينَ وهو مِنهُم؛ لِما رُويَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ «أنَّ عَبدًا مِنْ رَقيقِ الخُمُسِ سَرقَ مِنْ الخُمُسِ فرُفعَ ذلكَ إلى النبيِّ فلمْ يَقطَعْه وقالَ: مالُ اللَّهِ ﷿ سرَقَ بَعضُه بَعضًا» (٢).

ولِما رُويَ «أنَّ عليًّا أُتِيَ برَجلٍ سَرقً مِغَفرًا مِنْ الخُمسِ فلمْ يَرَ عليه قَطعًا وقالَ: لهُ فيه نَصيبٌ»، ورَوى وَكيعٌ عن المَسعوديِّ عن القاسمِ «أنَّ رَجلًا سرَقَ مِنْ بَيتِ المالِ، فكتَبَ فيه سعدٌ إلى عُمرَ، فكتَبَ إليه


(١) «المدونة الكبرى» (١٦/ ٢٩٥)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٥٠)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٩٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٤١)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٧٠)، و «البيان» (١٢/ ٤٧٠، ٤٧١)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٦٦).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه ابن ماجه (٢٥٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>