للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: الفَرائِضُ المُختلَفُ فيها في الوُضوءِ:

١ - النِّيةُ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في النِّيةِ في الوُضوءِ هل هي فَرضٌ أو شَرطٌ لصِحةِ الوُضوءِ أو هي سُنةٌ مُستحبةٌ، وإنْ تَوضَّأ ولم يَنوِ صَحَّ الوُضوءُ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ النِّيةَ فَرضٌ من فُروضِ الوُضوءِ وشَرطٌ من شَرائِطِه؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥].

والإِخلاصُ: هو عَملُ القَلبِ، وهو النِّيةُ والأمرُ به يَقتَضي الوُجوبَ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «إنَّما الأَعمالُ بالنِّيَّاتِ» (١)؛ لأنَّ لَفظةَ: «إنَّما» للحَصرِ، وليسَ المُرادُ صُورةَ العَملِ؛ فإنَّها تُوجدُ بلا نيةٍ، وإنَّما المُرادُ أنَّ حُكمَ العَملِ لا يَثبُتُ إلا بنِيةٍ.

ودَليلٌ آخَرُ هو قَولُ النَّبيِّ : «وإنَّما لكلِّ امرِئٍ ما نَوى» (٢).

وهذا لم يَنوِ الوُضوءَ فلا يَكونُ له.

قالوا: والمُرادُ بالحَديثِ لا يَكونُ العَملَ شَرعيًّا يَتعلَّقُ به ثَوابٌ وعِقابٌ إلا بنِيةٍ، ولأنَّ الوُضوءَ طَهارةٌ من حَدثٍ تُستباحُ به الصَّلاةُ فلم يَصحَّ بلا نيةٍ كالتَّيممِ، ولأنَّ الوُضوءَ عِبادةٌ ذاتُ أَركانٍ فوجَبَت فيها النِّيةُ كالصَّلاةِ،


(١) رواه البخاري (١).
(٢) رواه البخاري (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>