للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ القَيِّمِ : وكانَ مِنْ هَديِه صَلاةُ التَّطوُّعِ على راحِلَتِه حيثُ تَوَجَّهَت بِه، يُومِئُ إيماءً برَأسِه في رُكوعِه وسُجودِه، وسُجودُهُ أخفَضُ مِنْ رُكوعِه، ورَوى أحمدُ وأبو داودَ عنه مِنْ حَديثِ أنَسٍ أنَّه كانَ يَستَقبِلُ القِبلةَ عندَ تَكبيرةِ الافتِتاحِ، ثم يُصلِّي سائِرَ الصَّلواتِ حينَ تَوجَّهت بِه.

ثم قالَ : «وفِي هذا الحَديثِ نَظرٌ: وسائِرُ مَنْ وَصَفَ صَلاتَه على رَاحِلَتِه أطلَقُوا أنَّه كانَ يُصلِّي عليها قِبَلَ أيِّ جِهةٍ تَوَجَّهَت به، ولم يَستَثنُوا من ذلك تَكبيرةَ الإحرامِ ولا غيرَها، كعامِرِ بنِ رَبيعةَ (١)، وعَبد اللهِ بنِ عمرَ (٢)، وجابرِ بنِ عَبد الله (٣)، وأحاديثُهم أصحُّ من حَديثِ أنَسٍ هذا، واللهُ أعلَمُ» (٤).

المُسافِرُ سَفرًا لا تُقصَرُ فيه الصَّلاةُ: هل له أن يَتنفَّلَ على راحِلَتِه ودَابَّتِه أو لا؟ وهل له أن يُصلِّيَ على الرَّاحِلةِ في الحَضرِ أو لا؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في المُسافرِ سَفرًا لا يَقصُرُ فيه الصَّلاةَ، هل له أن يَتنَفَّلَ على راحِلَتِه أو لا؟ على قولَينِ:


(١) رواه البُخاري (١٠٤٣) عنه قالَ: «رأيتُ النبيَّ يُصَلِّي على رَاحِلَتِهِ حَيثُ تَوَجَّهَت بِهِ».
(٢) رواه البُخاري (٩٥٥)، ومُسلِم (٧٠٠) كان رسولُ اللهِ يُسبِّحُ على الراحلةِ قِبَلَ أيَّ وجهٍ تَوَجَّه، ويُوتِرُ عليها، غير أنه لا يُصلِّي عليها المكتوبةَ، وفي لفظٍ لمُسلِم: «أنَّ رسولَ اللهِ كان يُصَلِّي على رَاحِلَتِهِ حَيثُ تَوَجَّهَت بِهِ نَاقَتُهُ».
(٣) رواه البُخاري (١٠٤٣) كانَ النبيُّ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ وهو رَاكِبٌ في غَيرِ القِبلَةِ.
(٤) «زاد المعاد» (١/ ٤٧٥). و «شرح صحيح البُخاري» لابن بَطَّال (٣/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>