للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَكالةُ في الوَديعةِ:

تَجوزُ الوَكالةُ في الوَديعةِ بلا خِلافٍ بينَ الفُقهاءِ، قالَ ابنُ قُدامةَ : يَجوزُ التَّوكيلُ في الوَديعةِ، ولا نَعلَمُ في ذلك اختِلافًا (١)؛ لأنَّ الوَكيلَ هُنا سَفيرٌ مَحضٌ، والسَّفيرُ حاكٍ قولَ غيرِه، ومَن حَكَى قولَ غيرِه لا يَلزَمُه حُكمُ ذلك القَولِ، كَمَنْ حَكَى قَذْفَ غيرِه؛ فإنَّه لا يَكونُ قاذِفًا، ومَن حَكَى كُفْرَ غيرِه لا يَكونُ كافِرًا (٢).

إلَّا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا فيما لو وكَّله بقَبضِ وَديعةٍ أو إيداعِ مالِه، ولَم يُشهِدْ، على تَفصيلٍ في كلِّ مَذهبٍ.

قالَ الحَنفيَّةُ: لو قالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: وكَّلني فُلانَ بقَبضِ مالِه عَلَيكَ مِنْ الدَّينِ، لا يَخلو: إمَّا أنْ يُصَدِّقَه المَدِينُ، أو يُكَذِّبَه، أو يَسكُتَ.

فإنَّ صِدقَه يُجبِرُ على أنْ يَدفعَه إليه، وليسَ له أنْ يَستَرِدَّ بعدَ ذلك، وإنْ كذَّبه أو سَكَتَ، لا يُجبَرُ على دَفْعِه إليه. لكنْ لو دفَعه مَع ذلك، ثم أرادَ أنْ يَستَرِدَّ، فليسَ له ذلك. ثم بعدَ ذلك إنْ جاءَ المُوكِّلُ وأقَرَّ بالوَكالةِ، مَضَى الأمْرُ.


(١) «المغني» (٥/ ٥٢)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٥٦)، و «البيان» (٦/ ٣٩٧)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٠)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٣)، و «الهداية» (٣/ ١٣٨)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧١)، و «الاختيار» (٢/ ١٩١).
(٢) «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧١)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٣)، و «الهداية» (٣/ ١٣٨)، و «الاختيار» (٢/ ١٩١)، و «البيان» (٦/ ٣٩٧)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>