الشَّرطُ الثَّاني: العَدالةُ: فلا تَثبتُ الحَضانةُ لفاسِقٍ.
نَصَّ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ على أنه يُشترطُ في الحاضِنِ مِنْ ذَكرٍ أو أُنثى العَدالةُ والأمانةُ في نَفسِه ودِينِه، فلا تَصحُّ حَضانةُ الفاسقِ؛ لأنَّ الفاسِقَ لا يَلي ولا يُؤتَمنُ؛ لأنه غيرُ مَوثوقٍ به في أداءِ الواجِبِ مِنْ الحَضانةِ، ولأنَّ المَحضونَ لا حَظَّ له في حَضانتِه؛ لأنه ربُّما يَنشأُ على طَريقتِه، وتَكفي العَدالةُ الظاهِرةُ كشُهودِ النِّكاحِ (١).
قالَ الماوَرديُّ ﵀: لأنَّ العَدالةَ شَرطٌ في استِحقاقِ الوِلايةِ، فكانَتْ شَرطًا في استِحقاقِ الكَفالةِ، ولأنَّ الفاسقَ عادِلٌ عن صَلاحِ نَفسِه، فكانَ بأنْ يَعدلَ عن صَلاحِ وَلدِه أشبَهَ، ولأنه ربَّما اقتَدَى الوَلدُ بفَسادِه؛ لاقتِرانِه به ونُشوئِه معَه، والعَدالةُ المُعتبَرةُ فيه عَدالةُ الظاهِرِ المُعتبَرةُ في وِلايةِ النكاحِ، ولا يُراعَى عَدالةُ الباطِنِ المُعتبَرةُ في قَبولِ الشَّهادةِ؛ ليَكونَ بعَدالةِ ظاهرِه مَأمونًا على وَلدِه قيِّمًا بمَصالحِه، فلو صارَ بعدَ فِسقِه عَدلًا استَحقَّ الكَفالةَ،
(١) «مختصر الوقاية» (١/ ٤٣٧)، و «الاختيار» (٤/ ١٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٥٦٤)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٦١)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٢١١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥١١)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤٤٢)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٦/ ١٨١)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٣٠٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٩٧)، و «الديباج» (٣/ ٦٥٤)، و «المغني» (٨/ ١٩٠)، و «منار السبيل» (٣/ ٢١٠).