للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعطاه إيَّاها، فكَساها عمرُ أخًا له مُشرِكًا بمَكَّةَ، وهذا كانَ قبلَ الفَتحِ، ولِباسُه هَديةَ مَلِكِ أيلةَ كانَ بعدَ ذلك، ونَظيرُ هذا نَهيُه عن الصَّلاةِ قبلَ طُلوعِ الشَّمسِ، وبعدَ العَصرِ؛ سَدًّا لِذَريعةِ التَّشبُّهِ بالكُفَّارِ، وأباحَ ما فيه مَصلَحةٌ راجِحةٌ مِنْ قَضاءِ الفَوائِتِ وقَضاءِ السُّنَنِ وصَلاةِ الجِنازةِ وتَحيةِ المَسجِدِ؛ لأنَّ مَصلَحةَ فِعلِها أرجَحُ مِنْ مَفسَدةِ النَّهيِ، واللَّهُ أعلَمُ (١).

بَيعُ الرُّطَبِ بالتَّمرِ والعِنَبِ بالزَّبيبِ:

اختلَف الفُقهاءُ في بَيعِ الرُّطَبِ بالتَّمرِ والعِنَبِ بالزَّبيبِ، هل يَجوزُ أو لا؟ على قَولَيْنِ:

فذهَب الإمامُ أبو حَنيفةَ إلى جَوازِ بَيعِ الرُّطَبِ بالتَّمرِ مِثْلًا بمِثْلِ، أي: كَيلًا بكَيلِ، وكذا بَيعُ العِنَبِ بالزَّبيبِ مِثْلًا بمِثْلٍ؛ لأنَّ الرُّطَبَ تَمرٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ قالَ حينَ أُهديَ إليه رُطَبٌ مِنْ خَيبَرَ: «أوَكُلُّ تَمرِ خَيبَرَ هَكَذا؟» (٢) سَمَّاه تَمرًا، وبَيعُ التَّمرِ بمِثلِه مُتَساويًا جائِزٌ؛ لأنَّ التَّمرَ والرُّطَبَ ليسَ يَخلو حالُهما مِنْ أنْ يَكونا جِنسًا واحِدًا، أو جِنسَيْنِ.

فإنْ كانا جِنسًا واحِدًا جازَ بَيعُ بَعضِه ببَعضٍ مُتَساويًا حالَ العَقدِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «والتَّمرُ بالتَّمرِ مِثْلًا بمِثْلٍ سَواءً بسَواءٍ يَدًا بيَدٍ»، وإنْ كانا جِنسَيْنِ فبَيعُ أحَدِهما بالآخَرِ أجَوَزُ بآخِرِ الحَديثِ، وهو قَولُه :


(١) «زاد المعاد» (٣/ ٤٨٨، ٤٨٩).
(٢) رواه البخاري (٢٢٠٢)، ومسلم (١٥٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>