للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقاموا عليهِ الحَدَّ»، وهذا يَدلُّ على أنه إنما قطَعَها لسَرقتِها، لا لأنَّها كانَتْ تَستعيرُ المَتاعَ وتَجحدُه، ولو كانَ ذلكَ لَقالَ : إنما أهلَكَ مَنْ كانَ قبلَكُم أنهُم كانوا إذا استَعارَ فيهمُ الشَّريفُ مِنْ المَتاعِ وجَحدَه تَركوهُ، وقالَ في آخِرِه: «وايمُ اللهِ لو أنَّ فاطِمةَ بنتَ مُحمدٍ سَرقَتْ لَقطَعتُ يَدَها»، وهذا كلُّه يُوضحُ أنَّ القَطعَ إنما كانَ مِنْ أجْلِ السَّرقةِ لا مِنْ أجْلِ جَحدِ العارِيةِ مِنْ المَتاعِ.

وقد يَجوزُ أنها كانَتْ تَستعيرُ المَتاعَ وتَجحدُه ثم سَرقَتْ، فوجَبَ قَطعُ يَدِها للسَّرقةِ.

ويَحتملُ أنَّ تِلكَ القُرَشيةَ المَخزوميةَ كانَ مِنْ شَأنِها استِعارةُ المَتاعِ وجَحدُه، فعُرِفتْ بذلكَ، ثمَّ إنها سَرقَتْ فقيلَ: المَخزوميةُ التي كانَتْ تَستعيرُ المَتاعَ وتَجحدُه قطَعَ رَسولُ اللهِ يَدَها، يَعنُونَ: في السَّرقةِ (١).

الحِكمةُ في قَطعِ يَدِ السارِقِ دُونَ المختلِسِ والمنتَهِبِ والغاصِبِ:

قالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ : وأما قَطعُ يَدِ السارقِ في ثَلاثةِ دَراهمَ وتَركُ قَطعِ المُختلِسِ والمُنتهِبِ والغاصبِ فمِن تَمامِ حِكمةِ الشارعِ أيضًا؛ فإنَّ السارِقَ لا يُمكِنُ الاحتِرازُ منه؛ فإنه يَنقبُ الدُّورَ ويَهتكُ الحِرزَ ويَكسرُ


(١) «أحكام القرآن» (٤/ ٦٦)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٣٧٣)، و «البحر الرائق» (٥/ ٦٠)، و «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٤١٠)، و «الاستذكار» (٧/ ٥٦٩، ٥٧٠)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٣٣٤)، و «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٨٨)، و «المغني» (٩/ ٩٣، ٩٤)، و «الكافي» (٤/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>