للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالُ الخامِسُ: أنْ تضَعَ مُضغةً لا صُورةَ فيها ولم تَشهَدِ القَوابلُ بأنها مُبتدأُ خَلقِ آدَميٍّ، فهذا لا تَنقضِي به عدَّةٌ ولا تَصيرُ به أمَّ وَلدٍ؛ لأنه لم يَثبتْ كَونُه ولَدًا ببيِّنةٍ ولا مُشاهَدةٍ، فأشبَهَ العَلقةَ، فلا تَنقضِي العدَّةُ بوَضعِ ما قبلَ المُضغةِ بحالٍ، سَواءٌ كانَ نُطفةً أو عَلقةً، وسَواءٌ قيلَ: «إنه مُبتدَأُ خَلقِ آدَميٍّ» أو لم يُقَلْ، نَصَّ عليه أحمَدُ فقالَ: أمَّا إذا كانَ عَلقةً فليسَ بشَيءٍ، إنما هيَ دَمٌ لا تَنقضِي به عدَّةٌ ولا تُعتَقُ به أمَةٌ، ولا نَعلمُ مُخالِفًا في هذا إلا الحسَنَ؛ فإنه قالَ: إذا عُلِمَ أنها حَملٌ انقضَتْ به العدَّةُ وفيهِ الغُرَّةُ، والأولُ أصَحُّ وعليهِ الجُمهورُ.

وأقَلُّ ما تَنقضِي به العدَّةُ مِنْ الحَملِ أنْ تضَعَه بعدَ ثَمانينَ يَومًا منذُ أمكَنَه وَطؤُها؛ لأنَّ النبيَّ قالَ: «إنَّ خلْقَ أحَدِكم لَيُجمَعُ في بَطنِ أمِّه فيَكونُ نُطفةً أربَعينَ يَومًا، ثمَّ يَكونُ عَلقةً مثلَ ذلكَ، ثم يَكونُ مُضغةً مثلَ ذلكَ»، ولا تَنقضِي العدَّةُ بما دونَ المُضغةِ، فوجَبَ أنْ تكونَ بعدَ الثَّمانينَ، فأما بعدَ الأربَعةِ أشهُرٍ فليسَ فيه إشكالٌ؛ لأنه مُنكَّسٌ في الخَلقِ الرابعِ (١).

يَجوزُ للمُعتدةِ الزَّواجُ ولو كانَتْ في نِفاسِها:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ المَرأةَ إذا كانَتْ حامِلًا ووضَعَتْ حمْلَها جازَ لها النكاحُ ولو بعدَ ساعَةٍ مِنْ وَضعِها ولو كانَتْ في الدمِ، ولا يُشترطُ لصِحةِ نِكاحِها الطُّهرُ مِنْ النفاسِ.


(١) «المغني» (٨/ ٩٦، ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>