للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ وَصَّى لرَجلٍ بثُلثِ مالِه، ولا مالَ له وَقتَ الوَصيةِ ففيه خِلافٌ:

فذهَبَ الشافِعيةُ في وَجهٍ حَكاه ابنُ اللَّبانِ إلى أنَّه لا تَصحُّ الوَصيةُ حتى يَكونَ له مالٌ وإنْ قَلَّ؛ لتَتوجَّه إليه الوَصيةُ، قالَ العِمرانِيُّ: وهذا ليسَ بشَيءٍ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ إلى أنَّها تَصحُّ؛ فإنِ استَفادَ مالًا بعدَ ذلك تَعلَّقت به الوَصيةُ الأُولى لمَا ذكَرناه.

قالَ الحَنفيةُ: ولو لم يَكنْ له غَنمٌ عندَ الوَصيةِ فاستَفادَها ثم ماتَ فالصَّحيحُ أنَّ الوَصيةَ تَصحُّ؛ لأنَّها لو كانَت بلَفظِ المالِ تَصحُّ، فكذا إذا كانَت بلَفظِ نَوعِه؛ لأنَّ المُعتبَرَ وُجودُه عندَ المَوتِ لا غيرُ، ولو قالَ: له شاةٌ من مالي وليسَ له غَنمٌ، يُعطَى قيمةَ شاةٍ؛ لأنَّه لمَّا أَضافَ الشاةَ إلى المالِ علِمنا أنَّ مُرادَه الوَصيةُ بماليةِ الشاةِ (٢).

القَولُ الثاني: الاعتِبارُ بوَقتِ الوَصيةِ:

ذهَبَ الشافِعيةُ في وَجهٍ إلى أنَّ الاعتِبارَ به هو وَقتُ الوَصيةِ؛ لأنَّ الوَصيةَ عَقدٌ على المالِ، فكانَ الاعتِبارُ بقَدرِ المالِ وَقتَ العَقدِ كالبَيعِ والنَّذرِ، كما لو نذَرَ أنْ يَتصدَّقَ بثُلثِ مالِه.


(١) «البيان» (٨/ ١٦٠)، و «المهذب» (١/ ٤٥١).
(٢) «تحفة الفُقهاء» (٣/ ٢٠٩)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ١٩٠)، و «البحر الرائق» (٨/ ٥١١)، و «الفتاوى الهندية» (٦/ ١٠٥، ١٠٦)، و «البيان» (٨/ ١٦٠)، و «المهذب» (١/ ٤٥١)، و «الكافي» لابن قدامة (٢/ ٤٧٧)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>