التَّوارثُ في الجاهِليةِ وأولِ الإِسلامِ:
كانَ أهلُ الجاهِليةِ يُورِّثونَ الرِّجالَ دونَ النِّساءِ، والكِبارَ دونَ الصِّغارِ، ويَجعَلونَ حَظَّ الزَّوجةِ أنْ يُنفَقَ عليها من مالِ الزَّوجِ سَنةً، ويُورِّثونَ الأخَ زَوجةَ أخيه.
وكانَ التَّوارثُ في الجاهِليةِ وأولِ الإِسلامِ بالحِلفِ والنُّصرةِ، فكانَ الرَّجلُ يَقولُ للرَّجلِ: تَنصُرني وأنصُرُك، وتَرثُني وأرِثُك، وتَعقلُ عني وأعقِلُ عنك، وربَّما تَحالَفا على ذلك، فإذا كانَ لأَحدِهما وَلدٌ كانَ الحَليفُ كأحدِ أَولادِ حَليفِه، وإنْ لم يَكنْ له وَلدٌ كانَ جَميعُ المالِ للحَليفِ، فجاءَ الإِسلامُ والناسُ على هذا، فأقَرَّهم اللهُ تَعالى على ذلك في صَدرِ الإِسلامِ بقَولِه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ [النساء: ٣٣].
ورُويَ أنَّ أَبا بَكرٍ ﵁ حالَفَ رَجلًا، فماتَ، فورِثَه أَبو بَكرٍ. ثم نُسخَ ذلك وجُعلَ التَّوارثُ بالإِسلامِ والهِجرةِ، فكانَ الرَّجلُ إذا أسلَمَ وهاجَرَ ورِثَه مَنْ أسلَمَ وهاجَرَ معه من مُناسبِيه دونَ من لم يُهاجِرْ معه مِنْ مُناسبِيه، مِثلَ: أنْ يَكونَ له أخٌ وابنٌ مُسلِمانِ، فهاجَرَ معه الأخُ دونَ الابنِ فيَرثُه أَخوه دونَ ابنِه.
والدَّليلُ عليه قَولُه تَعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾ [الأنفال: ٧٢].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute