للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحَمْلِ والدَّفْنِ؛ لأنَّه قُربةٌ، إلَّا أنْ يَكونَ مُحتاجًا، فيُعطَى مِنْ بَيتِ المالِ؛ فإنْ تَعذَّرَ أُعطيَ بقَدْرِ عَملِه.

وَفي قَولٍ: إنَّه يَحرُمُ أخْذُ الأُجرةِ على غُسلِ المَيِّتِ؛ لأنَّ ما يَختَصُّ فاعِلُه أنْ يَكونَ مِنْ أهلِ القُربةِ لا يَجوزُ أخْذُ الأُجرةِ عليه؛ كالصَّلاةِ والصِّيامِ، وهذا مِنه، قالَ الرُّحَيْبانيُّ: وهو اتِّجاهٌ حَسَنٌ مُوافِقٌ لِلقَواعِدِ (١).

فالحَنفيَّةُ فَرَّقوا بينَ الغُسلِ وبَينَ الحَملِ والدَّفْنِ، فلا يَجوزُ في الغُسلِ، ويَجوزُ في الحَملِ، والدَّفْنِ، على المَذهبِ عِندَهم، والمالِكيَّةُ جَوَّزوا أخْذَ الأُجرةِ ما لَم يَتعيَّنْ، والشافِعيَّةُ أجازُوا أخْذَ الأُجرةِ مُطلَقًا، تَعيَّنَ أو لَم يَتعيَّنْ، والحَنابِلةُ في المَذهبِ كَرِهوا أخْذَ الأُجرةِ، إلَّا أنْ يَكونَ مُحتاجًا.

إذا شُرِطَ في العَقدِ شَرطٌ لا يَقتَضيهِ العَقدُ ولا يُلائِمُهُ:

اشترَطَ الحَنفيَّةُ لِصِحَّةِ العَقدِ خُلُوَّه مِنْ شَرطٍ لا يَقتَضيه العَقدُ ولا يُلائِمُه، حتى لَو أجَّرَهُ دارَه على أنْ يَسكُنَها شَهرًا ثم يُسَلِّمَها إلى المُستَأجِرِ، أو أرضًا على أنْ يَزرَعَها ثم يُسَلِّمَها إلى المُستَأجِرِ، أو دَابَّةً على أنْ يَركَبَها شَهرًا، أو ثَوبًا على أنْ يَلبَسَه شَهرًا ثم يُسَلِّمَه إلى المُستَأجِرِ؛ فالإجارةُ فاسِدةٌ؛ لأنَّ هذا شَرطٌ لا يَقتَضيه العَقدُ، وهو شَرطٌ لا يُلائِمُ العَقدَ، وزيادةُ مَنفَعةٍ مَشروطةٍ في العَقدِ لا يُقابِلُها عِوَضٌ في مُعاوَضةِ المالِ بالمالِ، تَكونُ رِبًا، أو فيها شُبهةُ الرِّبا، وكلُّ ذلك مُفسِدٌ لِلعَقدِ.


(١) «مطالب أولي النهى» (١/ ٨٤٤)، و «المبدع» (٢/ ٢٢٠)، و «كشاف القناع» (٢/ ١٠٠)، و «الروض المربع» (١/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>