للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الرَّابعُ: الذَّبيحةُ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ كلَّ حَيوانٍ يُباحُ أكلُه وله نَفسٌ سائِلةٌ كالأنعامِ والخَيلِ والصَّيدِ فلا يُباحُ ولا يَحلُّ إلا بالذَّكاةِ، إلا السَّمكَ والجَرادَ، فإنْ ماتَ شَيءٌ مما يُباحُ أكلُه حَتْفَ أنفِه لم يَحلَّ، وكذا الطيورُ التي تَعيشُ تارةً في البَرِّ وتَارةً في البَحرِ كالبطِّ والإوزِّ فلا تَحلُّ بلا ذَكاةٍ، سَواءٌ ماتَتْ في البَحرِ أو في البَرِّ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣].

فكلُّ حَيوانٍ مَقدورٍ عليهِ فلا يَحلُّ إلا بالذكاةِ قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : المَقدورُ عليهِ منهُما -أي الصَّيدِ والأنعامِ- فلا يُباحُ إلا بالذَّكاةِ بلا خِلافٍ بينَ أهلِ العلمِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفقُوا على أنَّ ما لا يَحتاجُ مِنْ الأطعِمةِ إلى ذكاةٍ كالنَّباتِ وغَيرِه مِنْ الجامِداتِ والمائِعاتِ فإنه يَحلُّ أكلُه، ما لم يَكنْ نَجسًا أو مُخالِطًا لنَجسٍ أو ضارًّا.

فأما الحَيوانُ فهو على ضَربينِ: بَريٌّ وبَحريٌّ، فأمَّا البَريُّ فإنهُم أجمَعُوا على أنَّ ما أُبيحَ أكلُه منه لا يُستباحُ إلا بالذَّكاةِ، وإنها مُختلِفةٌ باختِلافِ أنواعِه، ما بينَ ذَبحٍ ونَحرٍ وعَقرٍ، على ما سَيأتي بَيانُه فيما بعدُ، وقد مضَى منه ما بُيِّنَ، وأما البَحريُّ فما أُبيحَ منه كالسَّمكِ فلا يَحتاجُ إلى ذَكاةٍ، وأما غيرُه فسَيأتي ذِكرُ خِلافِهم فيه (٢).


(١) «المغني» (٩/ ٣١٥).
(٢) «الإفصاح» (٢/ ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>