للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ أبو بَكرِ بنُ المُنذِرِ : أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ المَرأةَ لو كانَتْ مِنْ أهلِ الحيضِ فحاضَتْ حَيضةً أو حَيضتَينِ ثم صارَتْ مِنْ المُوئساتِ استَأنفَتِ الشُّهورَ (١).

وقالَ ابنُ القطَّانِ الفاسِيُّ : وأجمَعُوا أنَّ مَنْ طلَّقَ امرَأتَه وهي ممَّن تَحيضُ فاعتدَّتْ حَيضةً ثم يَئِستْ مِنْ المَحيضِ ابتَدأتْ ثَلاثةَ أشهُرٍ، كما لو طلقَتْ وهي ممَّن لا يَحيضُ مِنْ صِغرٍ فاعتدَّتْ شَهرًا ثمَّ رَأتِ الحيضَ أنها تَبتدئُ ثَلاثةَ قُروءٍ بإجماعٍ، إلا الحسَنَ بنَ صالحٍ فإنه قالَ: تَعتدُّ بتلكَ الحَيضةِ شَهرًا ثم تَعتدُّ شَهرينِ آخَرينِ وقد حلَّتْ (٢).

الحالةُ الثالِثةُ: تَحوُّلُ المعتَدَّةِ مِنْ عِدَّةِ الطَّلاقِ إلى عدَّةِ الوَفاةِ:

الرَّجلُ إذا طلَّقَ زوْجَتَه ثم ماتَ وهي في العدَّةِ فلا يَخلُو ذلكَ مِنْ ضَربَينِ:

الضَّربُ الأولُ: أنْ يُطلِّقَها طَلاقًا رَجعيًّا ثم يَموتُ وهي في العدَّةِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الزوجَ إذا طلَّقَ زوجَتَه طَلاقًا رَجعيًّا ثم اعتدَّتْ وفي أثناءِ العدَّةِ ماتَ الزَّوجُ فإنها تَنتقلُ إلى عدَّةِ الوفاءِ أربَعةَ أشهُرٍ وعَشرةً إذا لم تَكنْ حامِلًا، سَواءٌ طلَّقَها في حالةِ المَرضِ أو الصِّحةِ، وانهَدمَتْ عدَّةُ الطلاقِ، وعليها أنْ تَستأنفَ عدَّةَ الوفاةِ بلا خِلافٍ بينَ أهلِ العلمِ؛ لأنها زوجَتُه بعدَ الطَّلاقِ؛ إذ الطَّلاقُ الرَّجعيُّ لا يُوجِبُ زَوالَ الزوجيةِ، ومَوتُ الزوجِ يُوجبُ على زَوجتِه عدَّةَ الوَفاةِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤] كما لو ماتَ قبلَ الطَّلاقِ.


(١) «الإشراف» (٥/ ٣٥٧).
(٢) «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٣٠٣)، رقم (٢٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>