للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا أبو الخطَّابِ وغَيرُه فيَجعلونَ في المَسألةِ خِلافًا، بل ويَذكُرونَ النُّصوصَ أنه لا يَصحُّ بحَسبِ ما بلَغَهُم مِنْ نَصِّه، قالَ القاضي: فإنْ وقَفَ الحُليَّ على الإعارَةِ واللبسِ فقالَ في رِوايةِ الأثرَمِ وحَنبلٍ: لا يَصحُّ، وأنكَرَ الحَديثَ الذي يُروَى عن أمِّ سَلمةَ في وَقفِه، قالَ القاضي: وظاهِرُ ما نقَلَه الخِرقيُّ جَوازُ وَقفِه؛ لأنه يُمكِنُ الانتفاعُ به مع بَقاءِ عَينِه، وقَولُه: «لا يَصحُّ» يَعني: لا يَصحُّ الحَديثُ فيهِ، ولم يَقصدْ لا يَصحُّ الوَقفُ فيهِ، وقالَ أبو الخطَّابِ: وأمَّا وَقفُ الحُليِّ على الإعارةِ واللبْسِ فجائزٌ على ظاهِرُ ما نقَلَه الخِرقيُّ، ونقَلَ عنه الأثرمُ وحَنبلٌ أنه لا يَصحُّ (١).

ج- ألَّا يَتعلَّقَ بالعَينِ المَوقوفةِ حقُّ الغَيرِ:

اشتَرطَ جُمهورُ الفُقهاءِ لصِحةِ الوَقفِ عدَمَ تَعلُّقِ حقِّ الغَيرِ به، كأنْ تَكونَ العَينُ مَرهونةً أو مُؤجَّرةً.

أوَّلًا: وَقفُ العَينِ المَرهونةِ:

ذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ إلى صِحةِ وَقفِ العينِ المَرهونةِ، وتَعودُ العَينُ بعد افتِكاكِها مِنْ الرَّهنِ إلى المَوقوفِ عليهِم؛ لأنَّ حقَّ اللهِ تعالَى لا يَصحُّ إسقاطُه بعدَ ثُبوتِه، فصارَ كالعِتقِ.

قالَ الحَنفيةُ: يَصحُّ وَقفُ المَرهونِ، فإنِ افتكَّه أو ماتَ عن وَفاءٍ صَحَّ الوَقفُ وعادَ إلى الجِهةِ، وإنْ ماتَ عن غَيرِ وَفاءٍ بِيعَ للدَّينِ وبطَلَ الوَقفُ.


(١) «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٢٣٩، ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>