للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العملُ بعُمومِ النُّصوصِ وإطلاقِها، ولأنَّ السَّفرَ نَفسَه ليسَ بمَعصيةٍ، وإنَّما المَعصيةُ ما يَكونُ بعدَه أو يُجاوِرُه، فصلَحَ بتَعلُّقِ الرُّخصةِ؛ وذهَبَ إلى قولِ الحَنفيةِ هذا المُزنِيُّ مِنْ الشافِعيةِ (١).

الشَّريطةُ الثانيةُ: مَسافةُ السَّفرِ: وهو أن يَقصدَ الإِنسانُ مَسيرةَ مَسافةِ السَّفرِ التي سبَقَ تَقديرُها عندَ الفُقهاءِ، وهذا محَلُّ اتِّفاقٍ، وقد سبَقَ بَيانُه.

الشَّرِيطَةُ الثَّالثةُ: الخُرُوجُ مِنْ عُمرانِ بَلدَتِه: اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعِة على أنَّ المُسافِرَ لا يَجوزُ له أن يَقصُرَ الصَّلاةَ، إلا إن جاوَزَ محَل إقامَتِه، وما يَتبَعُه؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: ١٠١]، ولا يَكونُ ضارِبًا في الأرضِ حتى يَخرُجَ، وقد قالَ أنَسٌ: «صلَّيتُ الظُّهرَ مع النَّبيِّ بالمَدينَةِ أربَعًا، والعَصرَ بذِي الحُليفَةِ رَكعَتينِ» (٢).

والمُعتبَرُ مُفارَقةُ البُيوتِ مِنْ الجانِبِ الذي يُخرَجُ منه، وإن كانَ في غيرِه مِنْ الجَوانِبِ بُيوتٌ، ويَدخلُ في بُيوتِ المِصرِ الجوانِبُ المُحيطَةُ به، والنَّبيُّ لم يَقصُر في سَفرِه إلا بعدَ الخُروجِ مِنْ المَدينةِ.

فإذا ثبَتَ هذا فيَجوزُ له القَصرُ، وإن كانَ قَريبًا مِنْ البُيوتِ، قالَ ابنُ


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٩٣)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٢١٦)، و «الهداية شرح البداية» (١/ ٨٢)، و «الاختيار» (١/ ١١١)، و «درر الحكام» (١/ ١٣٢)، و «المجموع» (٥/ ٤٤٧).
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: تَقدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>