إذا كان العَملُ مِنْ جانبٍ والدُّكَّانُ أو الآلةُ مِنْ جانِبٍ آخَرَ:
قال الإمامُ الكاسانيُّ ﵀: ولو أنَّ رَجُلًا أجلَسَ في دُكَّانِه رَجلًا يَطرحُ عليه العَملَ بالنِّصفِ فالقياسُ ألَّا تَجوزَ هذه الشَّركةُ؛ لأنَّها شَركةُ العُروضِ؛ لأنَّ العَملَ مِنْ أحَدِهما، ومِنَ الآخَرِ الحانوتَ، ولأنَّ الحانوتَ مِنَ العُروضِ، وشَركةَ العُروضِ غَيرُ جائِزةٍ.
وفي الاستِحسانِ جائِزةٌ؛ لأنَّ هذه شَركةُ الأعمالِ؛ لأنَّها شَركةُ التَّقبُّلِ، وتَقبُّلُ العَملِ مِنْ صاحِبِ الحانوتِ عَملٌ، وشَركةُ الأعمالِ جائِزةٌ بلا خِلافٍ بينَ أصحابِنا؛ لأنَّ مَبناها على الوَكالةِ، والوَكالةُ على هذا الوَجهِ جائِزةٌ، بأنْ يُوكِّلَ خَيَّاطٌ أو قَصَّارٌ وَكيلًا يَتقبَّلُ له عَملَ الخياطةِ والقِصارةِ، وكذا يَجوزُ لكلِّ صانِعٍ يَعملُ بأجْرٍ أنْ يُوكِّلَ وَكيلًا يَتقبَّلُ العَملَ.
فإنْ كان لَهما كَلبٌ فأرسَلاه جَميعًا كان ما أصابَ بينَهما لاستِوائِهما في سَببِ الاستِحقاقِ.
ولو كان الكَلبُ لِأحَدِهما وكان في يَدِه فأرسَلاه جَميعًا فما أصابَ الكَلبَ فهو لِصاحِبِه خاصَّةً؛ لأنَّ إرسالَ الأجنبيِّ لا عِبرةَ به مع إرسالِ المالِكِ، فكان مُلحقًا بالعَدمِ، كأنَّ المالِكَ أرسَلَه وَحدَه.
وإنْ كان لكلِّ واحِدٍ منهما كَلبٌ فأرسلَ كلُّ واحِدٍ منهما كَلبَه فأصابا صَيدًا واحِدًا كان بينَهما نِصفَيْن لأنَّهما تَساوَيا في سَببِ الاستِحقاقِ، وإنْ أصابَ كَلبُ كلِّ واحِدٍ منهما صَيدًا على حِدةٍ كان له خاصَّةً؛ لأنَّه مِلكُه بفِعلِه فاختَصَّ به.