للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكَروا من شُكرِ النِّعمةِ، فالجَوابُ منه ما ذكَرْنا فيما تقدَّمَ؛ لأنَّ مَعنى النِّعمةِ هو التَّنعُّمُ، ولا يَحصُلُ بما دونَ النِّصابِ ثم يَبطُلُ بالسَّوائمِ مع أنَّه قياسٌ في مُقابَلةِ النَّصِّ، وهو باطِلٌ واللهُ أعلَمُ (١).

ضَمُّ الذَّهبِ إلى الفِضةِ في تَكميلِ النِّصابِ، وضَمُّ عُروضِ التِّجارةِ إليها:

اختَلفَ العُلماءُ في ذلك على قَولَينِ.

فذهَبَ جُمهورُ العُلماءِ، الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابِلةُ في إِحدى الرِّوايتَينِ إلى أنَّ الذَّهبَ والفِضةَ يُضمُّ أحدُهما إلى الآخَرِ في تَكميلِ النِّصابِ، فلو كانَ عندَه خَمسةَ عشَرَ مِثقالًا من الذَّهبِ، ومِئةٌ وخَمسونَ دِرهمًا من الفِضةِ فعليه الزَّكاةُ فيهما، وكذا إنْ كانَ عندَه من أحَدِهما نِصابٌ، ومن الآخَرِ مالٌ يَبلُغُ النِّصابَ يُزكَّيانِ جَميعًا؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يَسُدُّ مَسَدَّ الآخَرِ ويَنوبُ مَنابَه، مِنْ كَونِه ثَمنًا لِلأشياءِ، وقيمًا للمُتلَفاتِ؛ فكانَ مِلكُ أحَدِهما كمِلكِ الآخَرِ، فجَرى مَجرى من ملَكَ أَنواعًا من الذَّهبِ، من جَيِّدٍ ورَديءٍ وتبْرٍ ومَصُوغٍ؛ ولأنَّ وُجوبَ زَكاتِهما رُبعُ العُشرِ في كلِّ حالٍ؛ ولأنَّه إذا كانَ معه مِئةُ دِرهَمٍ وعَرضٌ للتِّجارةِ يُساوي مِئةَ دِرهمٍ فإنَّه يَضمُّه إلى الدَّراهمِ ويُزكِّي الجَميعَ، أو يَكونُ كقيمةِ العَرضِ فيَجبُ ضَمُّه إلى ما عندَه من الورِقِ ويُزكِّي الجَميعَ. والمَعنى فيه قيامُ الذَّهبِ مَقامَ قيمةِ العُروضِ؛ ولأنَّ مَقاصدَهما وزَكاتَهما مُتفِقةٌ، فهما كنَوعَيِ الجِنسِ الواحِدِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٧، ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>