الأولُ: امتِناعُ صاحِبِ البَذْرِ عن المُضيِّ في العَقدِ، بأنْ قالَ: لا أُريدُ مُزارَعةَ الأرضِ؛ فيَنفَسِخُ العَقدُ؛ لِمَا ذَكَرْنا؛ أنَّ العَقدَ غيرُ لَازِمٍ في حَقِّه، فكانَ بسَبيلٍ مِنْ الِامتِناعِ عن المُضيِّ فيه مِنْ غيرِ عُذْرٍ، ويَكونُ ذلك فَسخًا منه دِلالةً.
إذا انقَضَتْ مدَّةُ المُزارَعةِ المُحَدَّدةُ لَها، انفَسخَتْ؛ لأنَّها إذا انقَضَتْ فقَدِ انتَهَى العَقدُ، وهو مَعنَى الِانفِساخِ.
وَإذا انقَضَتْ مدَّةُ المُزارَعةِ والزَّرعُ لَم يُدرِكْ، كانَ على المُزارَعِ أجْرُ مِثلِ نَصيبِه مِنْ الأرضِ إلى أنْ يُستَحصَدَ، والنَّفَقةُ على الزَّرعِ عليهما على مِقدارِ حُقوقِهِما؛ لأنَّ في تَبقيةِ العَقدِ إيفاءَ الحَقَّيْنِ، ولأنَّ في فَسخِه إلحاقَ ضَرَرٍ بأحَدِهِما، فكَأنَّ تَبقِيَتَه إلى الحَصادِ أَوْلَى، ويَكونُ العَملُ عليهما جَميعًا؛ لأنَّ العَقدَ قد انتَهَى بانتِهاءِ المدَّةِ، وهذا عَملٌ في المالِ المُشترَكِ.
وَهَذا بخِلافِ ما إذا ماتَ ربُّ الأرضِ والزَّرعُ بَقْلٌ، حَيثُ يَكونُ العَملُ فيه على العامِلِ؛ لأنَّ هُناكَ بَقيَّةَ العَملِ في مدَّتِه، والعَقدُ يَستَدعي العَملَ على العامِلِ، أمَّا هُنا فالعَقدُ قد انتَهَى؛ فلَم يكُنْ هذا إبقاءَ ذلك العَقدِ؛ فلَم يَختَصَّ العامِلُ بوُجوبِ العَملِ عليه.