للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَدُّ العَورَةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حَدِّ العَورةِ مِنْ الرَّجلِ، هَلْ هي ما بينَ السُّرَّةِ إلى الرُّكبةِ أو القُبُلُ والدُّبُرُ فقَط؟

فذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالكيَّةُ والشَّافعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ عَورةَ الرَّجلِ ما بينَ السُّرةِ والرُّكبةِ، فيَجوزُ لِلرَّجلِ أن يَنظرَ إلى الرَّجلِ إلى سائرِ جَسَدهِ إلا ما بينَ السُّرَّةِ والرُّكبةِ إلا عندَ الضَّرورةِ؛ لِما رَواه الإمامُ أحمدُ في مُسنَدِه عن جَرهَدٍ: أنَّ رَسولَ اللهِ رَآهُ قد كَشَفَ عن فَخِذِهِ، فقالَ: «يا جَرهَدُ غَطِّ فَخِذَكَ فإنَّ الفَخِذَ عَورةٌ» (١).

ولقولِ النَّبيِّ : «إذَا زَوَّجَ أَحدُكُم عَبدَهُ أَمَتَه أَوْ أَجِيرَهُ، فلَا يَنظر إلى شَيءٍ مِنْ عَورتِه؛ فَإِنَّ مَا تحتَ السُّرَّةِ إلى الرُّكبَةِ عَورةٌ» (٢)، وهَذا نَصٌّ، والحُرُّ والعَبدُ في هذا سَواءٌ؛ لِتَناولِ النَّصِّ لهما جَميعًا.

وذَهب الحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ العَورةَ هي القُبُلُ والدُّبُرُ؛ لِما رَواه أنَسُ بنُ مالِكٍ : «أنَّ النَّبيَّ يومَ خَيبَرَ، حسَر الإِزَارَ عَنْ فَخِذِهِ، حتى إنِّي لَأَنظُرُ إلى بَيَاضِ فَخِذِ النَّبيِّ » (٣).

ولِما رَوَت عائِشةُ أنَّها قالَت: «كانَ رَسولُ اللهِ مُضطَجِعًا في بَيتِي كاشِفًا عن فَخِذَيهِ أو سَاقَيهِ، فَاستَأذَنَ أبو بَكرٍ فَأَذِنَ له


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤/ ٤٠)، والتِّرمذي (٢٧٩٥)، والبيهقي في «الكبرى» (٢/ ٢٢٨)، وابن حبان في «صحيحه» (٤/ ٦٠٩).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٤١١٣، ٤١١٤)، والدارَقُطني (١/ ٢٣٠).
(٣) رواه البخاري (٣٦٤)، ومسلم (١٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>