للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضمَنَ، فإذا لَم يَضمَنْ لا يَلزَمُه؛ لأنَّه يَكونُ سَفيرًا بمَنزِلةِ الرَّسولِ، فلا تَرجِعُ إليه الحُقوقُ، وإنْ ضمِن لَزِمَه بحُكمِ الكَفالةِ، لا بحُكمِ العَقدِ.

وأمَّا الفُضوليُّ: فإنْ نَفَذَ صُلحُه فالبَدَلُ عليه، ولا يَرجِعُ به على المُدَّعَى عليه؛ لأنَّه مُتبرِّعٌ، وإنْ وَقَفَ صُلحُه فإنْ رَدَّه المُدَّعَى عليه بطَل ولا شَيءَ على واحِدٍ منهما، وإنْ أجازَه جازَ، والبَدَلُ عليه دونَ الفُضوليِّ (١).

مُبطِلاتُ عَقدِ الصُّلحِ وحُكمُه بعدَ البُطلانِ:

نَصَّ فُقهاءُ الحَنفيَّةِ على بَيانِ ما يَبطُلُ به الصُّلحُ بعدَ وُجودِه فقالوا:

ما يَبطُلُ به الصُّلحُ أشياءُ:

١ - الإقالةُ فيما سِوى القِصاصِ؛ لأنَّ ما سِوى القِصاصِ لا يَخلو عن مَعنى مُعاوَضةِ المالِ بالمالِ، فكان مُحتَمِلًا لِلفَسخِ كالبَيعِ ونَحوِه، فأمَّا في القِصاصِ فالصُّلحُ فيه إسقاطٌ مَحضٌ؛ لأنَّه عَفوٌ، والعَفوُ إسقاطٌ، فلا يَحتمِلُ الفَسخَ كالطَّلاقِ ونَحوِه.

٢ - لِحاقُ المُرتَدِّ بدارِ الحَربِ أو مَوتُه على الرِّدَّةِ عندَ أبي حَنيفةَ، بِناءً على أنَّ تَصرُّفاتِ المُرتَدِّ مَوقوفةٌ عندَه على الإسلامِ أو اللُّحوقِ بدارِ الحَربِ والمَوتِ، فإنْ أسلَمَ نَفَذَ، وإنْ لَحِقَ بدارِ الحَربِ وقَضى القاضي به أو قُتِلَ أو ماتَ على الرِّدَّةِ تَبطُلُ، وعِندَ أبي يُوسُفَ ومُحمدٍ: نافِذةٌ.

والمُرتَدَّةُ إذا لَحِقتْ بدارِ الحَربِ يَبطُلُ مِنْ صُلحِها ما يَبطُلُ مِنْ صُلحِ الحَربيَّةِ؛ لأنَّ حُكمَها حُكمُ الحَربيَّةِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٥٣، ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>