للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسيرُ مهرِ المِثلِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في مَهرِ المِثلِ، هل المُعتبَرُ فيهِ أقارِبُ المَرأةِ مِنْ جِهةِ العَصَباتِ؟ وهل الأمُّ والخالَةُ وذَواتُ الأرحامِ يُعتبَرْنَ في هذا أم لا؟ أم المُعتبَرُ فقطْ هو حالُ المرأةِ دُونَ النَّسبِ؟

فقالَ الحَنفيةُ: مَهرُ المِثلِ يُعتبَرُ بعَشيرَتِها الَّتي مِنْ قِبَلِ أبيها، كالأخَواتِ والعَمَّاتِ وبَناتِ الأعمامِ؛ لقَولِ ابنِ مَسعودٍ : «لها مَهرُ مِثلِ نِسائِها»، وهُنَّ أقارِبُ الأبِ؛ لأنهُ أضافَ إليها، وإنَّما يُضافُ إلى أقارِبِ الأبِ؛ لأنَّ النَّسبَ إليهِ، ولأنَّ قِيمةَ الشَّيءِ إنَّما تُعرَفُ بالرُّجوعِ إلى قِيمةِ جِنسِه، والإنسانُ مِنْ جِنسِ قَومِ أبيهِ لا مِنْ جِنسِ قَومِ أمِّه؛ ألَا تَرَى أنَّ الأمَّ قدْ تكونُ أمَةً والابنةُ تكونُ قُرشِيةً تبَعًا لأبيها، ولا يُعتبَرُ بأُمِّها وخالَتِها إذا لم تكونَا مِنْ قَبيلتِها، بأنْ يكونَ أبوها تَزوَّجَ بنتَ عَمِّهِ، فإنَّ أُمَّها وخالتَها تَكونانِ مِنْ قَبيلتِها.

ويُعتبَرُ في مَهرِ المِثلِ أنْ تَتساوَى المرأتانِ في السِّنِّ والجَمالِ والمالِ والعَقلِ والدِّينِ والبلَدِ والعَصرِ والعفَّةِ والبَكارةِ والثُّيوبةِ والعِلمِ والأدبِ وحُسنِ الخُلُقِ؛ لأنَّ مَهرَ المِثلِ يَختلفُ باختِلافِ هذهِ الأوصافِ، وهذا في الحرَّةِ، وأمَّا الأمَةُ فبِقَدرِ الرَّغبةِ فِيها.

قالَ الكَمالُ بنُ الهُمامِ : قولُه: ويُعتبَرُ في مِهرِ المِثلِ أنْ تَتساوَيا في الجَمالِ، يَعني بمُجرَّدِ تَحقِّقِ القَرابةِ المَذكورةِ، لا يَثبُتُ صحَّةُ الاعتبارِ بالمَهرِ حتَّى تَتساويَا سِنًّا وجَمالًا ومالًا وبَلدًا وعَصْرًا وعَقلًا ودِينًا وبَكارةً

<<  <  ج: ص:  >  >>