للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسَّببُ في اختِلافِهم في حَملِ رَفعِ اليَدينِ في الصَّلاةِ هل هو على النَّدبِ أو على الفَرضِ، هو السَّببُ الذي قُلناه قَبلُ مِنْ أنَّ بَعضَ النَّاسِ يَرى أنَّ الأصلَ في أفعالِه أن تُحمَلَ على الوُجوبِ، حتى يَدُلَّ الدَّليلُ على غيرِ ذلك، ومنهم مَنْ يَرى أنَّ الأصلَ ألَّا يُزادَ فيما صحَّ، بدَليلٍ واضِحٍ مِنْ قَولٍ ثابِتٍ، أو إجماعٍ، أنَّه مِنْ فَرائِضِ الصَّلاةِ إلا بدَليلٍ واضِحٍ.

وقد تَقدَّم هذا مِنْ قولِنا، ولا معنَى لِتَكريرِ الشَّيءِ الواحدِ مرَاتٍ كَثيرةً.

وأمَّا الحَدُّ الذي تُرفَعُ إليه اليَدانِ فذَهب بَعضُهم إلى أنَّه المَنكِبانِ، وبه قالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وجَماعةٌ.

وذَهب بَعضُهم إلى رَفعِها إلى الأُذُنَينِ، وبه قالَ أبو حَنيفَةَ، وذَهب بَعضُهم إلى رَفعِها إلى الصَّدرِ، وكلُّ ذلك مَرويٌّ عن النَّبيِّ ، إلا أنَّ أثبَتَ ما في ذلك أنَّه كانَ يَرفَعُهما حَذوَ مَنكِبَيهِ، وعليه الجُمهورُ، والرَّفعُ إلى الأُذُنَينِ أثبَتُ مِنْ الرَّفعِ إلى الصَّدرِ وأشهَرُ (١).

١٤ - كَيفيَّةُ الهَوِيِّ لِلسُّجودِ:

ذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابلَةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يُسنُّ عندَ الهَوِيِّ إلى السُّجودِ أن يَضَعَ المُصلِّي رُكبتَيهِ أوَّلًا، ثم يَديه، ثم جَبهتَه وأنفَه؛ لمَا رَواه وائِلُ بنُ حُجرٍ قالَ: «رَأَيتُ رَسولَ اللهِ إذا سجدَ وضعَ رُكبتَيهِ قبلَ يَديهِ، وإذا نَهَضَ رفعَ يَديهِ قبلَ


(١) «بداية المجتهد» (١/ ١٨٩، ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>