للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ديَةُ جُفونِ العَينينِ:

جُفونُ العَينينِ أربَعةٌ تُحيطُ بالعَينينِ مِنْ أعلَى وأسفَلَ، وتَحفظُهما مِنْ الأذَى، وتَجلبُ إليهِما النومَ، ويَكملُ بهنَّ جَمالُ الوَجهِ والعَينِ.

ولا قِصاصَ فيها؛ لأنه لا يُمكنُ استيفاءُ المثلِ فيها (١).

اختَلفَ الفُقهاءُ في جُفونِ العَينينِ إذا استُؤصِلتْ، هل فيها الدِّيةُ أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنبليةُ إلى أنَّ في كلِّ جَفنٍ رُبعُ الدِّيةِ؛ لأنها مِنْ تمامِ الخِلقةِ فيها مَنفعةٌ وجَمالٌ يَألمُ بقَطعِها ويُخافُ على النَّفسِ مِنْ سِرايةِ الجِنايةِ عليهِا، فوجَبَ أنْ تَكملَ الدِّيةُ فيها كسائرِ الأعضاءِ، ولا يمتنَعُ وإنْ كانَتْ تَبعًا أنْ تُساويَ مَتبوعًا في الدِّيةِ إذا اختَصَّتْ بزِيادةِ جَمالٍ ومَنفعةٍ، كالأنفِ في الشمِّ والأُذنينِ في السَّمعِ، فإذا ثبَتَ أنَّ فيها الدِّيةَ فسَواءٌ استُوصِلتْ مِنْ صَغيرٍ أو كَبيرٍ أو بَصيرٍ؛ لأنَّ للضَّريرِ بها مَنفعةً وجَمالًا وإنْ كانَت مَنفعةُ البَصرِ بها أعَمَّ.

قالَ الماوَرديُّ : فأما القَودُ فإنْ أمكَنَ فيها ولم يَتعدَّ ضَررُه إلى العَينينِ وجَبَ، وإنْ لم يُمكِنْ سقَطَ، فإنْ قلَعَ جَفنًا واحِدًا ففيهِ رُبعُ الدِّيةِ؛ لأنَّ كلَّ ذي عَددٍ مِنْ الأعضاءِ إذا كَمُلتْ فيه الدِّيةُ تَقسَّطتْ على عَددِها، كاليَدينِ في تَقسيطِ ديتِها على الأصابعِ، وتُقسَّطُ ديةُ الإصبعِ على الأناملِ، وسَواءٌ كانَ الجَفنُ أعلَى أو أسفَلَ، وفي الجَفنينِ نصفُ الدِّيةِ، وفي ثَلاثةِ


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>