للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكَرْنا في الزَّوجةِ … وتَجبُ نَفقةُ مَنْ لا حِرفةَ له ولو كانَ صَحيحًا مُكلَّفًا ولو كانَ مِنْ غيرِ الوالدَينِ؛ لقَولِه لهِندَ: «خُذِي ما يَكفيكِ وولَدَكِ بالمَعروفِ» ولم يَستثْنِ منهُم بالغًا ولا صَحيحًا، ولأنه فَقيرٌ يَستحقُّ النَّفقةَ على قَريبِه، أشبَهَ الزَّمِنَ.

فإنْ كانَ له حِرفةٌ لم تَجبْ نَفقتُه، قالَ في «المُبدِع»: بغَيرِ خِلافٍ؛ لأنَّ الحِرفةَ تُعينُه، ونَفقةُ القَريبِ لا تَجبُ إلا مع الفَقرِ، ولا بُدَّ أنْ تَكونَ الحِرفةُ يَحصلُ بها غِناهُ، وإلا وجَبَ الإكمالُ (١).

هل نَفقةُ الأقاربِ تَجبُ دَينًا في الذِّمةِ إذا لم يُنفقْ عليهِ؟

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ مَنْ وجَبَتْ عليه نَفقةُ إنسانٍ ولم يُنفقْ عليهِ ولم يَحكمِ القاضي بوُجوبِها أنها تَسقطُ ولا تَصيرُ دَينًا في ذِمتِه؛ لأنَّ النَّفقةَ إنما شُرعَتْ سَدًّا لخَلَّةِ المُحتاجِ، فإذا تحيَّلَ في النَّفقةِ مُدةً ولم يَأخذْها ممَّن وجَبَتْ عليه ثم قامَ ليَطلبَها بعدَ مُضيِّ زَمانِها فلا شَيءَ له عن الماضِي، وسقَطَتْ عن المُوسرِ بها في ذلكَ الزَّمنِ؛ لسُقوطِها بذَهابِ وَقتِها؛ لأنَّ الخَلَّةَ قد استَدَّتْ وزالَ سَببُ وُجوبِها، وهذا بخِلافِ نَفقةِ الزَّوجةِ؛ لأنها بمَعنَى المُعاوَضةِ، فلا تَسقطُ بمُضيِّ زَمانِها.

إلا أنهُم اختَلفُوا فيما لو فرَضَها القاضِي ولم يُنفقْ عليهِ، هل تَثبتُ دَينًا في ذِمتِه أم لا؟


(١) «كشاف القناع» (٥/ ٥٦٧، ٥٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>