للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيءٍ وبَعضِه، ثم يَنبَغي أنَّه إذا أَعطاه في الكِسوةِ ما يُساوي إِطعامَه أنْ يُجزِئَه، وهو خِلافُ الآيةِ وكذلك لو غَلَت قيمةُ الطَّعامِ فصارَ نِصفُ المُدِّ يُساوي كِسوةَ المِسكينِ يَنبَغي أنْ يُجزِئَه نِصفُ المُدِّ، وهو خِلافُ الآيةِ ولأنَّه أحَدٌ ما يُكفِّرُ به، فيَتعيَّنُ ما ورَدَ به النَّصُّ كالعِتقِ، أو فلا تُجزِئُ فيه القِيمةُ كالعِتقِ، فعلى هذا لو أَعطاهم أَضعافَ قيمةِ الطَّعامِ لا يُجزِئُه؛ لأنَّه لم يُؤَدِّ الواجِبَ فلا يَخرُجُ عن عُهدَتِه (١).

إِعطاءُ أَقارِبِه مِنْ الكَفارةِ:

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (ويُعطي مِنْ أَقاربِه مَنْ يَجوزُ أن يُعطيَه مِنْ زَكاةِ مالِه.

وبهذا قالَ الشافِعيُّ وأبو ثَورٍ، ولا نَعلَمُ فيه مُخالِفًا، ولأنَّ الكَفارةَ حَقُّ مالٍ يَجِبُ للَّهِ تَعالى فجَرى مَجرى الزَّكاةِ فيمَن يُدفَعُ إليه مِنْ أَقاربِه ومَن لا يُدفَعُ إليه، وقد سَبَقَ ذلك في بابِ الزَّكاةِ.

فَصلٌ: وكُلُّ مَنْ يُمنَعُ الزَّكاةَ مِنْ الغَنيِّ والكافِرِ والرَّقيقِ يُمنَعُ أخْذَ الكَفارةِ، وهل يُمنَعُ منها بَنو هاشِمٍ؟ فيه وَجهانِ، أحَدُهما: يُمنَعونَ منها؛ لأنَّها صَدَقةٌ واجِبةٌ، فمُنِعوا منها لقَولِ النَّبيِّ : «إنَّا لا تَحِلُّ لنا الصَّدقةُ»، وقِياسًا على الزَّكاةِ، والثانِي: لا يُمنَعونَ؛ لأنَّها لم تَجِبْ بأصلِ الشَّرعِ، فأشبَهَت صَدَقةَ التَّطوُّعِ (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (١٥/ ٣٠٠، ٣٠١)، و «الأوسط» (١٢/ ١٨٢، ١٨٣)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٤٠٦)، و «المغني» (١٠/ ٦)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٢٣).
(٢) «المغني» (١٠/ ٦)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>