اختلَف الفُقهاءُ في مالِ الشَّركةِ إذا تَلِف كلُّه أو تلِف أحَدُ المالَيْن، هل يَكونُ مِنْ ضَمانِهما إذا خلَطا المالَ، أو لَم يَخلِطا أو يَكونُ مِنْ ضَمانِ صاحِبِه.
فقال الحَنفيَّةُ: إذا هلَك مالُ الشَّركةِ كلُّه بَطلَت الشَّركةُ، وكذا لو هلَك أحَدُ المالَيْن قبلَ الخَلطِ وقبلَ الشِّراءِ يَهلِكُ مِنْ مالِ صاحِبِه وَحدَه، سَواءٌ هلَك في يَدِ مالِكِه أو يَدِ شَريكِه؛ لأنَّه أمانةٌ في يَدِه، بخِلافِ ما بَعدَ الخَلطِ، حيث يَهلِك عليهما؛ لِعَدمِ التَّمييزِ، فتَبطُلُ الشَّركةُ، أمَّا الأولُ فلأنَّ مالَ كلِّ واحِدٍ قبلَ الشِّراءِ وقبلَ الخَلطِ باقٍ على مِلكِه، وأمَّا بُطلانُ الشَّركةِ فلأنَّ المَعقودَ عليه عَقدُ الشَّركةِ هو المالُ المُعيَّنُ، لأنَّه يَتعيَّنُ بالتَّعيينِ في الشَّركةِ والهِبةِ والوَصيَّةِ، وبهَلاكِ المَعقودِ عليه يَبطُلُ العَقدُ، كما في البَيعِ، بخِلافِ المُضارَبةِ والوَكالةِ المُفردةِ.
وهذا ظاهِرٌ فيما إذا هلَك المالانِ، وكذا إذا هلَك أحَدُهما؛ لأنَّ الشَّريكَ الذي لَم يَهلِكْ مالُه لَم يَرضَ بشَركةِ صاحبِه في مالِه إلا لِيُشرِكَه هو أيضًا في مالِه بتَقديرِ بَقائِه؛ فإذا فات ذلك ظهَر وُقوعُ ما لَم يَكُنْ راضيًا به عندَ عَقدِ الشَّركةِ، فيَبطُلُ العَقدُ لِعَدمِ فائِدتِه، وهي الاشتِراكُ فيما يَحصُلُ.
فإنِ اشتَرى أحَدُهما بمالِه ثم هلَك مالُ الآخَرِ فالمُشتَرَى بينَهما على ما شرَطا، لأنَّ المِلكَ حين وقَع وقَع مُشترَكًا بينَهما؛ لِقيامِ الشَّركةِ وَقتَ الشِّراءِ، لأنَّ الهَلاكَ لَم يَقعْ قبلَه لِيَبطُلَ، فيَختَصُّ المُشتَري بما