للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجهُ الثانِي: لا يَجوزُ أنْ يَحميَ؛ لأنَّه ليسَ له أنْ يَرفعَ الضَّررَ عن أَموالِ الفُقراءِ بإِدخالِ الضَّررِ على الأَغنياءِ، ويَكونُ الضَّررُ إنْ كانَ بالفَريقينِ معًا، وهذا أصحُّ الوَجهينِ، واللهُ أعلمُ (١).

الضربُ الثالِثُ: حِمى آحادِ الرَّعيةِ:

لا خِلافَ بينَ فَقهاءِ المُسلِمينَ على أنَّه لا يَجوزُ لأحدٍ مِنْ الرَّعيةِ أو لآحادِ الناسِ أنْ يَحميَ شيئًا مِنْ المَواتِ يَختصُّ به دونَ غيرِه مِنْ المُسلِمينَ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «لا حِمى إلا للهِ ولرَسولِه» (٢) أيْ أنَّه لا حِمى لأحدٍ يَخصُّ به نَفسَه تَرعى فيه ماشِيتُه دونَ سائرِ الناسِ، وإنَّما هو للهِ ولرَسولِه ولمَن ورِثَ ذلك عنه مِنْ الخُلفاءِ بعدَه إذا احتاجَ إلى ذلك لمَصلحةٍ تشمَلُ المُسلِمينَ ومَنفعةٍ تعمُّهم، كما فعَلَ أَبو بَكرٍ وعُمرُ وعُثمانُ لمَّا احتاجوا إلى ذلك (٣).

وأما حِمى الواحدِ مِنْ عَوامِّ المُسلِمينَ فمَحظورٌ وحِماه مُباحٌ؛ لأنَّه إنْ حَمى لنَفسِه فقد تَحكَّمَ وتَعدَّى بمَنعِه، وإنْ حَماه للمُسلِمينَ فليسَ مِنْ أهلِ الوِلايةِ عليهم ولا فيمَن يُؤثرُ اجتِهادُه لهم، وقد رَوى أَبو هانئٍ عن أَبي سَعيدٍ عن أَبي هُريرةَ قالَ: سمِعتُ رَسولَ اللهِ يَقولُ:


(١) «الحاوي الكبير» (٨/ ٤٨٤، ٤٨٥)، و «الأحكام السلطانية» (٢١٠، ٢١١)، ويُنظَر: المَصادِر السابِقَة.
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٤١).
(٣) «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٥٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>