الأصلُ أنَّ المَتروكَ في الصَّلاةِ لا يَخلُو إمَّا أن يَكونَ فَرضًا، وإمَّا أن يَكونَ واجِبًا، وإمَّا أن يَكونَ سُنَّةً، والعُلماءُ مُجمِعونَ على أنَّه إن تركَ فَرضًا عَمدًا بطَلت صَلاتُه، وإن تركَه سَهوًا لزِمه أن يَأتيَ بهِ، ولا يُجزِئُه سُجودُ السَّهوِ عنه، بل لا بدَّ منَ الإتيانِ بهِ.
قالَ ابنُ عَبد البرِّ ﵀: أجمعَ العُلماءُ على أنَّ الرُّكوعَ والسُّجودَ والقِيامَ والجَلسةَ الأخيرةَ في الصَّلاةِ فَرضٌ كلُّه، وأنَّ مَنْ سَهَا عن شَيءٍ منه وذَكَرهُ رَجعَ إليهِ فأتَمَّه وبَنَى عليه ولم يَتمادَ وهو ذاكِرٌ له؛ لأنَّه لا يَجبُرُه سُجودُ السَّهوِ (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ ﵀: وأمَّا الأقوالُ والأفعالُ التي يُسجَدُ لها فإنَّ القائِلينَ بسُجودِ السَّهوِ لكُلِّ نُقصانٍ أو زِيادةٍ وقعَت في الصَّلاةِ على طَريقِ السَّهوِ؛ اتَّفَقوا على أنَّ السُّجودَ يَكونُ عن سُننِ الصَّلاةِ دونَ الفَرائِضِ ودُونَ الرَّغائِبِ؛ فالرَّغائِبُ لا شَيءَ عندَهم فيها، أعنِي إذا سَهَا عنها في الصَّلاةِ ما لم يكن أكثرَ مِنْ رَغيبةٍ واحدةٍ، مِثلَما يَرى مالِكٌ أنَّه لا يجبُ سُجودٌ مِنْ نِسيانِ تَكبيرةٍ واحدةٍ، ويجبُ مِنْ أكثرَ مِنْ واحدةٍ، وأمَّا الفَرائِضُ فلا يُجزِئُ عنها إلا الإتيانُ بها، وجَبرُها إذا كانَ السَّهوُ عنها ممَّا لا يُوجِبُ إعادةَ الصَّلاةِ بأسرِها، على ما تَقدَّم فيما يُوجِبُ الإعادةَ وما يُوجِبُ القَضاءَ، أعنِي على مَنْ تركَ بَعضَ أركانِ الصَّلاةِ. وأمَّا سُجودُ السَّهوِ لِلزِّيادةِ فإنَّه يَقعُ