للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينَهم؛ لقولِه : «لَو يَعلَمُ النَّاسُ مَا في النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثم لَم يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَستَهِمُوا عَلَيهِ لَاستَهَمُوا» (١).

قالَ النَّوويُّ : هذا إذا لم يكن لِلمَسجدِ مُؤذِّنٌ رَاتِبٌ، أو كانَ له مُؤذِّنونَ وتَنازَعوا في الابتِداءِ، أو كانَ المَسجدُ صَغيرًا وأدَّى اختِلافُ أصواتِهم إلى تَهويشٍ، فيُقرَعُ ويُؤذِّنُ واحدٌ، وهو مَنْ خرَجت له القُرعةُ، وأمَّا إذا كانَ هناكَ راتِبٌ ونازَعَه غيرُه، يُقدَّمُ الرَّاتبُ، وإن كانَ جَماعةٌ مُرتبونَ وأمكَنَ أذانُ كلِّ واحدٍ منهم في مَوضِعٍ مِنْ المَسجدِ لِكِبَرِه، أذَّنَ كلُّ واحدٍ وَحدَه، وإن كانَ صَغيرًا ولم يؤدِّ اختِلافُ أصواتِهم إلى تَشويشٍ أذَّنوا دُفعةً واحدةً (٢).

بَدءُ مَشروعيَّةِ الأذانِ:

شُرِعَ الأذانُ بالمَدينةِ على الصَّحِيحِ، قال ابنُ رَجبٍ : وإنَّما شُرِعَ الأذانُ بعدَ هِجرةِ النَّبيِّ إلى المَدينةِ، والأحاديثُ الصَّحِيحةُ كلُّها تَدلُّ على ذلك (٣).

وقد وَرَدت أحادِيثُ تَدلُّ على أنَّه شُرِعَ بمَكةَ، لكِن قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : والحقُّ أنَّه لا يَصحُّ شَيءٌ مِنْ هذه الأحادِيثِ، وقد جزمَ ابنُ المُنذرِ بأنَّه كانَ يُصلِّي بغيرِ أذانٍ مُنذُ فُرضتِ الصَّلاةُ بمَكةَ إلى أن هاجَرَ إلى المَدينةِ، وإلى أن وقعَ التَّشاوُرُ في ذلك على ما في حَديثِ عَبد اللهِ بنِ عمرَ، ثم في حَديثِ عَبد اللهِ بنِ زَيدٍ. انتَهى.


(١) رواه البخاريُّ (٦١٥)، ومسلم (٤٣٧).
(٢) «المجموع» (٤/ ١٣٣).
(٣) «فتح الباري» لابن رجب (٣/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>