للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّه لا بأسَ بغُسلِ المُسلِمِ قَرابتَه مِنْ المُشرِكينَ ودَفنِهم.

قال ابنُ رُشدٍ : وسَببُ الخِلافِ: هل الغُسلُ مِنْ بابِ العِبادةِ أو مِنْ بابِ النَّظافةِ؟ فإنْ كانَت عِبادةً لَم يَجزْ غُسلُ الكافِرِ، وإنْ كانَت نَظافةً جازَ غُسلُه (١).

دَفنُ الميِّتِ مِنْ غيرِ غُسلٍ ولا صَلاةٍ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ في أنَّ الميِّتَ إذا دُفنَ ولَم يُغسَّلْ ولَم يُهَلْ عليه التُّرابُ أنَّه يُخرَجُ ويُغسَّلُ.

أمَّا إذا دُفنَ وانهالَ عليه التُّرابُ ذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يُنبَشُ ويُغسَّلُ -وكذلك إنْ دُفِن لغيرِ القِبلةِ، فإنَّه يُنبَشُ ويُغسَّلُ ويُوجَّهُ إليها- ما لَم يَتغيَّرْ ويُخفْ عليه أنْ يَتفسَّخَ؛ لأنَّه واجِبٌ مَقدورٌ على فِعلِه فوجَبَ فِعلُه، وإنْ خُشِي عليه الفَسادُ لَم يُنبَشْ؛ لأنَّه تَعذَّرَ فِعلُه فسقَط كسُقوطِ وُضوءِ الحَيِّ إذا تَعذَّرَ.

وقالوا: إنْ تَمكَّنوا مِنْ غُسلِه وتَوجيهِه ولَم يَفعَلوا أثِموا بلا خِلافٍ، وكان ممَّن يَجبُ غُسلُه.

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه لا يُنبَشُ بعدَ إهالةِ التُّرابِ عليه؛ لأنَّ النَّبشَ مُثلَةٌ، وقد نُهيَ عنها، ولِما فيه مِنْ هَتكِ حُرمةِ الميِّتِ.


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٣١٤)، وانظر: «بدائع الصنائع» (٢/ ٣١٣)، و «ابن عابدين» (٢/ ٢٣٠)، و «الأوسط» (٥/ ٣٤١)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٤٠٨)، و «المجموع» (٦/ ٢٠٤، ٢٠٥)، و «الإنصاف» (٢/ ٤٨٣، ٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>