اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ المرأةَ لو أذنَتْ لوَليَّينِ في تَزويجِها فزوَّجَها أحَدُهما مِنْ زَيدٍ ثم زوَّجَها الآخَرُ مِنْ عمرٍو ولم يَدخلْ الثاني بها أنها للأولِ باتفاقِ المَذاهبِ الأربَعةِ.
إلا أنهم اختَلفُوا فيما لو أذنَتِ المَرأةُ لوَليَّينِ لها أنْ يُزوِّجاها فزوَّجَها أحَدُهما ثمَّ زوَّجَها الآخَرُ وعُلِمَ أيُّهما أسبَقُ ودخَلَ بها الثاني، هل يُفسخُ النكاحُ؟ أم تكونُ للأولِ منهُما؟ أم للكُفءِ منهُما؟
فذهَبَ جُمهورُ الفقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنها لو أذنَتْ لوليَّينِ فزَوَّجَها أحدُهما لزيدٍ ثمَّ زوَّجَها الآخرُ لعَمرٍو وهُمَا كُفئانِ لها أنها للأولِ منهُما وهو زيدٌ؛ لِما رُويَ عن النبيَّ ﷺ قالَ:«أيُّما امرأةٍ زوَّجَها وليَّانِ فهي للأولِ»(١)، ولأنه لمَّا سبَقَ فقدْ صَحَّ، فلا يَجوزُ نكاحُ الثاني؛ وهذا لأنَّ سبَبَ الولايةِ القَرابةُ، وهي لا تَتجزَّأُ، والحُكمُ الثابتُ به أيضًا لا يتجزَّأُ، فصارَ كلُّ واحدٍ منهُما كالمنفرِدِ، فأيُّهما عقَدَ جازَ كالأمانِ، وسواءٌ دخَلَ بها الثاني أو لم يَدخلْ؛ لأنَّ الثاني تزوَّجَ امرأةً في عِصمةِ زوجٍ، فكانَ باطلًا كما لو عَلِمَ أنَّ لها زوجًا، ولأنه نِكاحٌ باطلٌ لو عَرِيَ عن الدُّخولِ، فكانَ باطلًا وإنْ دخَلَ كنِكاحِ المُعتدَّةِ والمرتَدِّ وكما لو عَلِمَ.
(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٢٠٨٨)، والترمذي (١١١٠)، والنسائي (٤٦٨٢)، وابن ماجه (٢١٩٠)، وأحمد (٥/ ٨).