للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال أبو حَنيفةَ: إذا نَوى شِراءَها للأُضحيَّةِ فهو إيجابُها.

وقال مالكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ: لا يُوجِبُها إلا القولُ (١).

إذا ذبَح أُضحيَّةَ غيرِه بغيرِ إذنِه ونَواه بها:

اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ من عيَّن أُضحيَّةً فذبَحها غيرُه بغيرِ إذْنِه.

فذهَب الحَنفيةُ في الاستِحسانِ خِلافًا لزُفرَ والحَنابلةُ إلى أنَّها تُجزِئُ عن صاحِبِها ولا ضَمانَ على الذابِحِ، قال الحَنابلةُ: لأنَّه فِعلٌ لا يَفتقِرُ إلى نِيةٍ، فإذا فعَله فاعِلٌ بغيرِ إذنِ المُضحِّي أجزَأ عن المُضحِّي، كغَسلِ ثَوبِه من النَّجاسةِ.

وأمَّا الحَنفيةُ فقالُوا: إنَّه لمَّا اشتَراها للذَّبحِ وعيَّنها لذلك فإذا ذبَحها غيرُه فقد حصَل غَرضُه وأسقَط عنه مُؤنةَ الذَّبحِ؛ لأنَّها تَعيَّنت للذَّبحِ لتَعينِها للأُضحيَّةِ حتى وجَب عليه أنْ يُضحِّيَ بها بعَينِها فصارَ مُستَعينًا بكلِّ مَنْ كان أهلًا للذَّبحِ على ذَبحِها؛ إذنًا له دِلالةً؛ لأنَّه ربَّما يَعجِزُ عن إقامَتِها لعارِضٍ يَعرِضُ له، فصارَ كما إذا ذبَح شاةً شدَّ القَصابُ رِجلَها ليَذبحَها، واستدَلُّوا على عَدمِ الضَّمانِ على الذابِحِ بأنَّها أُضحيَّةٌ أجزَأت عن صاحبِها، ووقَعت مَوقعَها، فلَم يَضمنْ ذابِحُها، كما لو كان بإذْنٍ. ولأنَّها إراقةُ دَمٍ تَعيَّنت إراقَتُه لِحقِّ اللهِ تَعالى، فلَم يَضمَنْ مُريقُه، كقاتِلِ المُرتدِّ بغيرِ إذْنِ الإمامِ (٢).


(١) «الإفصاح» (١/ ٣٣٦، ٣٣٧).
(٢) «المبسوط» (١٢/ ١٧، ١٨)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٦٧)، و «الاختيار» (٥/ ٢٦)، و «البحر الرائق» (٨/ ٢٠٤)، و «المغني» (٩/ ٣٦١)، و «الإفصاح» (١/ ٣٣٨، ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>