للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو ظهَرَ دَينٌ يَستغرِقُ التَّركةَ لم يَضمَنِ الوَصيُّ ما صرَفَه في الوَصيةِ، وكذا لو جهِلَه الوَصيُّ فتصَدَّق الوَصيُّ بجَميعِ الثُّلثِ هو أو حاكِمٌ ثم ثبَتَ ذلك لم يَضمَنِ الوَصيُّ ولا الحاكِمُ لرَبِّ الدَّينِ ولا للمُوصَى له بالثُّلثِ شَيئًا؛ لأنَّه مَعذورٌ بعَدمِ العِلمِ.

ومَن عليه دَينٌ لمَيتٍ وعلى المَيتِ دَينٌ فله أنْ يَقضيَ دَينَ المَيتِ إنْ لم يَخَفْ أنْ يَطلُبَه الوَرثةُ بما عليه، وأنكَروا الدَّينَ الذي على مَوروثِهم فلا يَقضيَه؛ لأنَّه لا يأمَنُ رُجوعَهم عليه، وإنْ لم يَخَفْ ذلك قضَى دَينَ المَيتِ الذي عليه بدَينِ المَيتِ الذي له؛ لمَا فيه من تَبرئةِ ذِمتِه وذِمةِ المَيتِ، ويَسقطُ عن ذِمتِه بقَدرِ ما يَقضي عن المَيتِ، كما لو دفَعَه إلى الوَصيِّ بقَضاءِ الدَّينِ فدفَعَه في دَينِ المَيتِ؛ إذْ لا فَرقَ بينَهما سِوى تَوسُّطِ الوَصيِّ بينَهما (١).

هل للوَصيِّ أنْ يَدفعَ المالَ مُضاربةً؟

نَصَّ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّه يَجوزُ للوَصيِّ أنْ يَدفعَ مالَ الصَّغيرِ وكذا المَجنونُ والسَّفيهُ مُضارَبةً وشَركةً وبِضاعةً؛ لأنَّه قائِمٌ مَقامَ الأبِ، وللأبِ هذه التَّصرفاتُ، ولأنَّه مَأذونٌ له في تَنميةِ المالِ، وقد رُويَ: «اتَّجِروا في أَموالِ اليَتامى حتى لا تَأكُلَها الزَّكاةُ»، إلا أنَّ هذا ليسَ بواجِبٍ.


(١) «المغني» (٦/ ١٤٨، ١٤٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٥٩٣، ٥٩٤)، و «الفروع» (٤/ ٥٣٩، ٥٤٠)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٩٦، ٢٩٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٨٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٥٢٤، ٥٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>