للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَصحُّ التَّوكيلُ إنْ قالَ المُوكِّلُ لِوَكيلِه: اشتَرِ ما شِئتَ، أوِ اشتَرِ عَبدًا بما شِئتَ؛ لأنَّ ما يُمكِنُ شِراؤُه والشِّراءُ به يَكثُرُ، فيَكثُرُ فيه الغَرَرُ حتى يُبيِّنَ لِلوَكيلِ نَوْعًا وقَدْرَ ثَمَنٍ يُشترَى بهِ؛ لأنَّ الغَرَرَ لا يَنتَفِي إلَّا بذِكرِ الشَّيئَيْنِ، ما لَم يَكُنْ مِقدارُ ثَمَنِه مَعلومًا بينَ النَّاسِ، كَمَكِيلٍ ومَوزونٍ؛ لأنَّه لا غَرَرَ فيه ولا ضَرَرَ.

وإنْ قالَ لِوَكيلِه: اشتَرِ كذا وكذا، لا يَصحُّ التَّوكيلُ؛ لِلجَهالةِ.

وَمِثلُ قَوله: وَكَّلتُكَ في كلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ، لو قالَ لِوَكيلِه: اشتَرِ لي ما شِئتَ مِنْ المَتاعِ الفُلانيِّ، لَم يَصحَّ؛ لأنَّه قَدْ يَشترِي ما لا يَقدِرُ على ثَمَنِه (١).

وَقَدْ تَقدَّمتِ المَسألةُ بنَوعٍ مِنْ التَّفصيلِ في بَيانِ أنواعِ الوَكالةِ.

الشَّرطُ الثَّالثُ: أنْ يَكونَ المُوكَّلُ فيه قابِلًا لِلنِّيابةِ:

اشترَطَ الفُقهاءُ في مَحَلِّ الوَكالةِ أنْ يَكونَ قابِلًا لِلنِّيابةِ، بمعنَى أنَّ ما يَجوزُ فيه النِّيابةُ تَصحُّ فيه الوَكالةُ، وما لا تَجوزُ فيه النِّيابةُ لا تَصحُّ فيه الوَكالةُ.

وَقَدْ وَضَعَ الفُقهاءُ أيضًا ضابِطًا لِبَيانِ مَحَلِّ الوَكالةِ، وهو كلُّ عَقدٍ جازَ أنْ يَعقِدَه الإنسانُ بنَفْسِه جازَ أنْ يُوكِّلَ به غيرَه؛ لأنَّ الإنسانَ قَدْ يَعجِزُ عن المُباشَرةِ بنَفْسِه على اعتِبارِ بعضِ الأحوالِ، فيَحتاجُ إلى أنْ يُوكِّلَ غيرَه، فيَكونَ بسَبيلٍ مِنه دَفعًا لِلحاجةِ، وأنْ يَكونَ قابِلًا لِلنِّيابةِ، فما يَقبَلُ النِّيابةَ يَصحُّ أنْ يُوكَّل فيه، وما لا يَقبَلُ النِّيابةَ لا يَصحُّ أنْ يُوكَّل فيه (٢).


(١) «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤٣٣، ٤٣٥)، و «المغني» (٥/ ٥٥) «الإنصاف» (٥/ ٣٩٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٦٢، ٥٦٣)، و «منار السبيل» (٢/ ١٦٣).
(٢) «الهداية شرح البداية» (٣/ ١٣٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٦٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>