للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعضِ العَقدِ، لَم يَصحَّ العَقدُ؛ لِلجَهالةِ. فإنْ أطلَقَ الإشراكَ كأنْ يَقولَ: أشرَكتُكَ في هذا العَقدِ، صَحَّ، وكانَ مُناصَفةً؛ لأنَّ مُطلَقَ الشَّرِكةِ يَقتَضي التَّسويةَ.

وإنْ كانَتِ السِّلعةُ لِاثنَيْنِ فقالَ لَهما آخَرُ: أشرِكاني فيها؛ فأشرَكاه معهما، فله الثُّلُثُ لِمَا سبَق مِنْ أنَّ مُطلَقَ الشَّرِكةِ يَقتَضي التَّسويةَ.

رابِعًا: الوَضيعةُ:

ويُقالُ لَها: المُحاطَّةُ والمُخاسَرةُ، وهي أنْ يَبيعَه بما اشتَرَى مع حَطِّه عَشَرةً عن كلِّ مِئةٍ مَثَلًا.

حُكمُ هذه البُيوعِ:

اتَّفق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ بَيعَ المُرابَحةِ وأخَواتِها جائِزٌ، والدَّليلُ على جَوازِه عُمومُ قَولِ اللهِ : ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥]، وقَولِه : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، وقَولِ النَّبيِّ : «إنَّما البَيعُ عن تَراضٍ» (١)، والمُرابَحةُ بَيعٌ بالتَّراضي بينَ العاقِدَيْنِ.

والدَّليلُ على التَّوليةِ: ما رُويَ أنَّ أبا بَكرٍ اشتَرَى بَعيرَيْنِ، فقالَ له النَّبيُّ : «وَلِّني أحَدَهما»، فقالَ : هو لَكَ بغيرِ ثَمَنٍ، فقالَ : «أمَّا بغيرِ ثَمَنٍ فلا» (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن حبان (٤٩٦٧)، وابن ماجه (٢١٨٥).
(٢) رواه البخاري في «صحيحه» (٢٠٣١) بلفظ عن عَائشَةَ قالت: لقَلَّ يوْمٌ كان يَأْتي على النبي إلا يَأْتي فيه بيْتَ أبي بكْرٍ أحَدَ طرَفَيْ النّهَارِ، فلما أُذنَ له في الخُرُوجِ إلى الْمَدينَةِ لم يرُعْنَا إلا وقد أتَانَا ظُهرًا فَخُبّرَ بهِ أبو بكْرٍ فقال: ما جاءَنَا النبي في هذه السّاعَةِ إلا لأَمْرٍ حدَثَ، فلما دخل عليه قال لأَبِي بكْرٍ: «أَخْرجْ من عنْدَكَ». قال: يا رسُولَ اللّهِ إنما هُما ابْنتَايَ. يعني عَائشَةَ وأَسْمَاءَ. قال: «أَشَعَرتَ أنَّهُ قد أذِنَ لي في الخُرُوجِ». قَالَ: الصُّحبَةَ يا رسُولَ اللّهِ. قَالَ: «الصُّحْبَةَ». قَالَ: يَا رَسُولَ الله إنَّ عِنْدِي نَاقَتَينِ أَعدَدْتُهُمَا لِلخُرُوجِ فخُذْ إِحدَاهُمَا. قال: «قد أَخَذتُهَا بِالثّمَنِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>