للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وَهْمُ بعضِ الفُقهاءِ في هذا الحَديثِ ورِوايتُهم له: فقالَ رسولُ اللهِ : «قُمْ يا غُلامُ فزوِّجْ أمَّكَ»، قالَ أبو الفرَجِ ابنُ الجَوزيِّ: وما عرَفْنا هذا في هذا الحَديثِ، قالَ: إنْ ثبَتَ فيَحتملُ أنْ يكونَ قالَه على وَجهِ المُداعَبةِ للصَّغيرِ؛ إذْ كانَ له مِنْ العُمرِ يَومئذٍ ثَلاثُ سِنينَ؛ لأنَّ رسولَ اللهِ تزوَّجَها في سَنةِ أربعٍ وماتَ ولعُمرَ تِسعُ سِنينَ، ورَسولُ اللهِ لا يَفتقرُ نِكاحُه إلى وليٍّ (١).

المَسألةُ الثَّانيةُ: أيُّهما أَولى بالتَقديمِ الأبُ أم الابنُ؟

اختَلفَ الفُقهاءُ القائِلونَ بثُبوتِ الوِلايةِ للابنِ، هل يقدَّمُ على الأبِ في تزويجِ أمِّه؟ أم يقدَّمُ الأبُ عليهِ؟ على ثَلاثةِ أقوالٍ.

القَولُ الأولُ: أنَّ الابنَ يُقدَّمُ على الأبِ، وهو قَولُ الإمامِ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ والمالِكيةِ في المَشهورِ والحَنابلةِ في رِوايةٍ؛ لأنَّ الابنَ مقدَّمٌ في العُصوبةِ؛ لأنَّ تَعصيبَه أقوَى، بدَليلِ أنَّ الأبَ يَصيرُ معه مِنْ ذَوِي الفُروضِ، أَلَا ترَى أنَّ الأبَ معه يَستحقُّ السُّدُسَ بالفَريضةِ فقطْ، وإذا كانَ تَعصيبُه أقوَى وجَبَ أنْ يكونَ مقدَّمًا عليهِ، كالأخِ للأبِ والأمِّ معَ الأخِ لأبٍ (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٩٤، ٩٦)، و «المهذب» (٢/ ٣٦)، و «البيان» (٩/ ١٦٨، ١٦٩)، و «زاد المعاد» (١/ ١٠٨)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٦٩٩)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٧٨، ٧٩)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٥٥٣، ٥٥٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٥٤)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٥٩٤)، و «الديباج» (٣/ ٢٠٠).
(٢) «المبسوط» (٤/ ٢٢٠)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٥٠)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٥٩)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٠٣، ٣٠٤) رقم (١١٣٨)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤٩٤)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٦٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٠)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٥٢)، و «الإفصاح» (٢/ ١٣٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٣٢٤)، و «المبدع» (٧/ ٣٠)، و «الإنصاف» (٨/ ٦٩)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٥٧، ٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>