للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ الثالِثةُ: الكَفالةُ ببدنِ مَنْ عليه حَدٌّ أو قِصاصٌ

أمَّا الكَفالةُ بالحَدِّ والقِصاصِ أنفُسِهما فلا تَجوزُ إجماعًا؛ إذْ لا يُمكِنُ استيفاءُ ذلك مِنَ الكَفيلِ (١).

قال الإمامُ السَّرخسيُّ : ولا خِلافَ في أنَّه لا تَصحُّ الكَفالةُ بالحَدِّ والقِصاصِ نَفْسَيْهما؛ لأنَّ النيابةَ لا تَجري في إيفائِها، والمَقصودُ مِنَ الكَفالةِ إقامةُ الكَفيلِ مَقامَ المَكفولِ عنه في الإيفاء، وهذا لا يَتحقَّقُ في شَيءٍ مِنَ الحُدودِ، فلا تَصحُّ الكَفالةُ بها (٢).

قال المَرغينانيُّ في «الهِدايةِ»: قَولُه: وكلُّ حَقٍّ لا يُمكِنُ استيفاؤُه مِنَ الكَفيلِ لا تَجوزُ الكَفالةُ به، كالحُدودِ والقِصاصِ.

مَعناه بالحَدِّ نَفْسِه، لا بنَفْسِ مَنْ عليه الحَدُّ، يَعني أنَّ الكَفالةَ بالحَدِّ نَفْسِه لا تَجوزُ، أمَّا الكَفالةُ بنَفْسِ مَنْ عليه الحَدُّ فتَجوزُ؛ لأنَّ الكَفالةَ بتَسليمِ النَّفْسِ إلى بابِ القاضي واجِبةٌ، بخِلافِ الكَفالةِ بالحَدِّ نَفْسِه، فإنَّها لا تَجوزُ؛ لأنَّ العُقوباتِ لا تَجري فيها النِّيابةُ؛ لِعَدمِ حُصولِ


(١) «حاشية ابن عابدين» (٥/ ٢٩٨)، و «المبسوط» (٩/ ١٠٦)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ١٥٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٧٦).
(٢) «المبسوط» (٩/ ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>